أحدهما ونقله المزني عن الشافعي: أنه لا يكره إلا لمن أضعفه صومه عن العبادة التي تقع فيه من الصلاة والذكر والدعاء.
والثاني وهو الذي صححه المتأخرون. كقول الجمهور.
وحديث ابن مسعود المتقدم حمله الجمهور على حديث أبي هريرة السابق وقالوا: إذا صام قبله أو بعده جاز بلا كراهة وإلا فهو مكروه، وهو الراجح عندنا لأن أكثر أهل الأصول يقولون: إذا تعارض النهي والفعل قدم جانب الحظر على الفعل لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شيء فانتهوا".
• واختلف في سبب النهي عن إفراده على أقوال:
* أحدها: لكونه يوم عيد والعيد لا يصام، قال ابن حجر:"وهذا أقوى الأقوال وأولاها بالصواب وورد فيه صريحاً حديثان: أحدهما رواه الحاكم عن أبي هريرة مرفوعاً: "يوم الجمعة يوم عيد، فلا تجعلوا يوم عيدكم يوم صيامكم، إلا أن تصوموا قبله أو بعده"، والثاني رواه ابن أبي شيبة بإسناد حسن عن علي وقال: "من كان منكم متطوعاً من الشهر فليصم يوم الخميس فإنه طعام وشراب وذكر"، واستشكل ذلك مع الإذن بصيامه مع غيره. وأجاب ابن القيم وغيره بأن شبهه بالعيد لا يستلزم استواءه معه من كل جهة، ومن صام معه غيره انتفت عنه صورة التحري بالصوم.
* ثانيها: لئلا يضعف عن العبادة واختاره النووي، قال: "الحكمة في النهي عنه أن يوم الجمعة يوم دعاء وذكر وعبادة من الغسل والتبكير إلى الصلاة وانتظارها واستماع الخطبة وإكثار الذكر بعدها وغير ذلك من العبادات في يومها، فاستحب الفطر فيه، فيكون أعون له على هذه الوظائف وأدائها بنشاط وانشراح لها والتذاذ بها من غير ملل ولا سآمة، وهو نظير الحاج يوم عرفة بعرفة، فإن السنة له الفطر كما سبق تقريره لهذه الحكمة".
[٣- بعد النصف من شعبان]
المروي عن الشافعي كراهية صيامه، والجمهور على جواز صيامه لحديث عمران بن حصين الذي سبق.