للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متى يبدًا المسافر بالفطر؟ هل يفطر إذا شد رحله أو يفطر إذا فارق البلد؟

فأجاب: روي عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- أنه أفطر عندما شد رحله قبل أن يفارق البلد، وقال: إن ذلك السنة، فقال له صحابة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: كيف تفطر وأنت ترى الدور ولا تزال بين القصور؟ فقال: أترغبون عن سنة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟

وآخرون قالوا: ما دام يمشي بين البيوت المسكونة فإنة لا يكون على سفر والله تعالى يقول: (أَوْ عَلَى سَفَرٍ) [البقرة: ١٨٤] . ولا يكون على سفر حتى يفارق العامر، ومثله القصر في الصلاة يقول الفقهاء في تحديد بداية القصر: إذا فارق عامر قريته أو خيام قومه.

وأما قول أبي الدرداء: إن هذا من السنة. المراد به: الفطر في جنس السفر، فالاختيار أنه يفطر إذا فارق البلد.

ولعل عذر أبي الدرداء، مشقة النزول إذا خرج من البلد، ومشقة حط الرحل وإصلاح الأكل، ولعل ذلك كان في شدة الحر أو في آخر النهار وقد شق عليهم جمع الرحل ورفق على الدواب ونحو ذلك (١) .

[الصيام في السفر بالوسائل المريحة]

- وسئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز -حفظه الله-:

نحن الآن في زمن توفرت فيه وسائل النقل المريحة من طائرات وسيارات وقطارات، والصائم بحمد الله يسافر المسافات الطويلة دون أن يحس بتعب وخاصة إذا سافر بالطائرة. فما الأفضل له في هذه الحالة، الصيام أم الفطر؟ فأجاب: المسافر مخير بين الصوم والفطر وظاهر الأدلة الشرعية أن الفطر أفضل، ولا سيما إذا شق عليه الصوم؛ لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "ليس من البر الصوم في السفر": وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته"، ومن صام، فلا حرج عليه إذا لم يشق عليه الصوم فإن شق عليه الصوم كره له ذلك والله ولي التوفيق (٢) .


(١) "فتاوى الصيام لابن جبرين" (ص ٨٠) .
(٢) "الفتاوى لابن باز - كتاب الدعوة" (٢/١٦٨-١٦٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>