للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا تناول شيئًا منها كان عليه ما عليه في الصوم الصحيح. وفي كلا الموضعين عليه القضاء؛ وذلك لأن هتك حرمة الشهر حاصلة في الموضعين بل هِي في هذا الموضع أشد؛ لأنه عاص بفطره أولاً، فصار عاصيًا مرتين فكانت الكفارة عليه أوْكد، ولأنه لو لم تجب الكفارة على مثل هذا لصار ذريعة إلى أن لا يكفر أحدا.

فإنه لا يشاء أحد أن يجامع في رمضان إلا أمكنه أن يأكل، ثم يُجامع بل ذلك أعْون له على مقصوده، فيكون قبل الغداء عليه الكفارة، وإذا تغدَّى هو وامرأته ثم جامعها فلا كفارة عليه، وهذا شنيع في الشريعة لا ترد بمثله.

فإنه قد استقر في العقول والأديان أنه كلما عظم الذنب كانت العقوبة أبلغ، وكلما قوي الشبه قويت، والكفارة فيها شوب العبادة، وشوب العقوبة، وشرعت زاجرة وماحية، فبكل حال: قوة السبب يقتضي قوة المسبب.

ثم الفطر بالأكل لم يكن سببًا مستقلاً موجبًا للكفارة. كما يقوله أبو حنيفة، ومالك، فلا أقل أن يكون مُعينًا للسبب المستغل، بل يكون مانعًا من حكمه، وهذا بعيد عن أصول الشريعة.

ثم المجامع كثيرا ما يفطر قبل الإيلاج، فتسقط الكفارة عنه بذلك على هذا القول، وهذا ظاهر البطلان، والله أعلم (١) .

قدم مسافرًا وهو مفطر ووجد امرأته تغتسل من الحيض هل يجوز أن يجامعها؟

- وسئلت لجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء:

إذا جاء الرجل إلى بيته من السفر وهو مفطر وبعد مسك الصيام وجد زوجته تغتسل من الحيض -وبعد غسلها- هل يجوز أن يجامعها في الحال أو يصوموا يومهم؟

فأجابت: إذا قدم المسافر إلى بلده في رمضان لزمه الإمساك ولا يجوز له أن يجامع زوجته في يوم قدومه مراعاة لحرمة زمن الصيام. وبالله التوفيق وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم (٢) .


(١) "مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية" (٢٥/٢٦٠-٢٦٣) .
(٢) "فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء" رقم (١٣٤٣٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>