للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالت عائشة رضي الله عنها: "دَخَلَ عَلَينا رَسُولُ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْنا: يَا رَسولَ الله أُهدِي لنا حيس. فقال: قربيه. فلقد أَصْبَحْتُ صَائِمًا. فأكل" (١) .

[هل من نوى الإفطار يفطر؟]

سئل العلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله (٢) :

قولهم: ومن نوى الإفطار أفطر، هل هو وجيه؟

فأجاب: نعم هو وجيه؛ وذلك أن الصِّيام مركب من حقيقتين: النية وترك جميع المفطرات، فإذا نوى الإفطار، فقد اختلت الحقيقة الأولى وهي أعظم مقومات العبادة، فالأعمال كلها لا تقوم إلا بها.

ومعنى قولهم: أفطر، معناه: أنه حكم له بعدم الصيام، لا بمنزلة الآكل والشارب، كما فسروا مرادهم.

ولذلك لو نوى الإفطار وهو في نفل، ثم بعد ذلك أراد أن ينوي الصيام قبل أن يحدث شيئًا من المفطرات، جاز له ذلك، ولكن أجره وصيامه المثاب عليه من وقت نيته فقط، وإن كان الذي نوى الإفطار في فرض، فإن ذلك اليوم لا يجزئه ولو أعاد النية قبل أن يفعل مفطرا؛ لأن الفرض شرطه أن النية تشمل جميعه من طلوع فجره إلى غروب شمسه، بخلاف النفل.

وهنا فائدة يحسن التنبيه عليها، وهي أن قطع نية العبادة نوعان:

* نوع لا يضره شيء: وذلك بعد كمال العبادة. فلو نوى قطع الصلاة بعد فراغها أو الصيام، أو الزكاة، أو الحج أو غيرها بعد الفراغ، لم يضر؛ لأنها وقعت وحلت محلها، ومثلها لو نوى قطع نية طهارة الحدث الأكبر أو الأصغر بعد فراغه من طهارته، لم تنتقض طهارته.

* والنوع الثاني: قطع نية العبادة في حال تلبسه بها، كقطعه نية الصلاة وهو فيها،


(١) المصدر السابق ص (٣٨-٣٩) .
(٢) "الفتاوى السعدية" للشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي ص (٢٢٨، ٢٢٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>