قال المناوي في "فيض القدير": أحصوا: عدوا واضبطوا والإحصاء أبلغ من العد في الضبط لما فيه من إعمال الجهد في العد. والمراد أحصوا هلاله حتى تكملوا العدة إن غمّ عليكم أو تراؤوا هلال شعبان وأحصوه ليترتب عليه رمضان بالاستكمال أو الرؤية.
قال ابنُ قدامة في "المغني" (٤/٣٢٥) : "يستحب للناس ترائي الهلال ليلة الثلاثين من شعبان وتطلبه ليحتاطوا بذلك لصيامهم، ويسلموا من الاختلاف فإذا رأوه وجب عليهم الصيام إجماعاً".
[رؤية الهلال هي المعتبرة فقط دون الحساب:]
عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب الشهر
هكذا وهكذا يعني مرة تسعة وعشرين ومرة ثلاثين" رواه البخاري.
قال الحافظ ابن حجر (٤/١٥١-١٥٢) : "قيل للعرب: أميون لأن الكتابة كانت فيهم عزيزة. قال الله تعالى:(هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم) ولا يرد على ذلك أنه كان فيهم من يكتب ويحسب لأن الكتابة فيهم قليلة نادرة، والمراد بالحساب هنا حساب النجوم وتسييرها، ولم يكونوا يعرفون من ذلك أيضاً إلاَّ النزر اليسير، فعلّق الحكم بالصوم وغيره بالرؤية لرفع الحرج عنهم في معاناة حساب التسيير واستمر الحكم في الصوم ولو حدث بعدهم من يعرف ذلك، بل ظاهر السياق يشعر بنفي تعليق الحكم بالحساب أصلا، ويوضحه قوله في الحديث:"فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين".
يقل فسلوا أهل الحساب، والحكمة فيه كون العدد عند الإغماء يستوي فيه المكلفون فيرتفع الاختلاف والنزاع عنهم، وقد ذهب قوم إلى الرجوع إلى أهل التسيير في ذلك وهم الروافض، ونُقل عن بعض الفقهاء موافقتهم. قال الباجي: وإجماع السلف الصالح حُجَّة عليهم. وقال ابن بزيزة: وهو مذهب باطل فقد نهت الشريعة عن الخوض في علم النجوم لأنها حدس وتخمين ليس فيها قطع ولا ظن غالب، مع أنه لو ارتبط الأمر بها لضاق إذ لا يعرفها إلا القليل".
(١) صحيح: رواه الدارقطني، والبيهقي في سننه عن أبي هريرة وصححه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (١٩٩) .