للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وابنُ حزم يرى بطلان كلّ عبادة قصد بها تحقيق قربتين سواءً أكانت العبادة صلاة أو صومًا أم زكاة ولم يستثن من ذلك إلا من مزج قصد العمرة بالحج في حالة إحرامه بهما والهدي معه؛ لأن هذا هو الحكم.

وغالبية العلماء يرون أنّ من قصد أكثر من عبادة بالفعل الواحد تحصل واحدة منهما ولا تبطل كلها.

وقسم من الأحناف لهم رأي حسن في اعتبار المقصود الذي ينبغي أن يتحقق، فهم يرون أن العبادة الأوجب لها الأولوية، فإذا صام يوماً عن قضاء وكفارة جعل عن القضاء لأنه أوجب، فإن استويا في القوة فله أن يجعلهما إلى أيّ عبادة شاء، كمن نوى صومًا عن ظهار، وكفارة يمين.

[(٥) قصد الصوم دفعة واحدة:]

وهذا شرط من شروط النية، وقد حقق العز بن عبد السلام القول في هذه المسألة فقال: "تفريق النية على الطاعة يختلف باختلاف الطاعات، والطاعات أقسام:

أولها: طاعة متحددة: وهي التي يفسد أولها بفساد آخرها كالصلاة والصيام، فلا يجوز تفريق النية على أبعاضها.

مثاله في الصيام: أن ينوي إمساك الساعة الأولى وحدها، ثم ينوي إمساك الساعة الثانية، وكذلك يفرد كل إمساك بنية تختص به إلى آخر النهار فإن صومه لا يصح.

وكذلك لو أفرد نية الصلاة على أركانها وأبعاضها، مثل أن يفرد التكبير بنية، والقيام بنية ثانية، والركوع بنية ثالثة. وكذلك إلى انقضاء الصلاة، فإن صلاته لا تصح.

ثانيها: طاعة متعددة كالزكاة والصدقات وقراءة القرآن، فهذا يجوز أن يفرد أبعاضه بالنية، وأن يجمعه في نية واحدة.

فلو فرق النية على أحد جزئي الجملة في القراءة مثل أن قال: بسم الله، أو قال: فالذين آمنوا؛ فالذي أراه أنه لا يثاب على ذلك، ولا يثاب إلا

<<  <  ج: ص:  >  >>