للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلفوا أيضاً هل يختص ذلك بالولي؟ لأن الأصل عدم النيابة في العبادة البدنية ولأنها عبادة لا تدخلها النيابة في الحياة فكذلك في الموت إلا ما ورد فيه الدليل فيقتصر على ما ورد فيه ويبقى الباقي على الأصل وهذا هو الراجح، وقيل يختص بالولي فلو أمرَ أجنبيًّا بأن يصوم عنه أجزأ كما في الحج، وقيل يصح استقلال الأجنبي بذلك وذكر الولي لكونه الغالب وظاهر صنيع البخاري اختيار هذا الأخير، وبه جزم أبو الطيب الطبري وقوّاه بتشبيهه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذلك بالدَّيْن، والدين لا يختص بالقريب".

فرع: من مات وعليه صوم نذر صام عنه رجال بعدد الأيام التي عليه جاز، قال الحسن: "إن صام عنه ثلاثون رجلاً كل واحد يومًا جاز" (٢) .

أما الإطعام فإن جمع وليه مساكين بعدد الأيام التي عليه وأشبعهم جاز، وكذلك فعل أنس بن مالك -رضي الله عنه-.

[الكفارة]

من أفسد صوم يوم من رمضان بجماع تام أثم به، ولزمته الكفارة وبهذا قال مالك والشافعي وأبو حنيفة وأحمد وداود والعلماء كافة إلا الشعبي وسعيد بن جبير والنخعي وقتادة فإنهم قالوا: لا كفارة عليه، كما لا كفارة عليه بإفساد الصلاة وهذا مرجوح لأن الصوم يخالف الصلاة فإنه لا مدخل للمال في جبرانها.

والكفارة هي: عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينًا.

[هل هذه الكفارة مرتبة ككفارة الظهار أو على التخيير.]

ونعني بالترتيب: ألا يتنقل المكلف إلى واحد من الواجبات المخيّرة إلا بعد العجز عن الذي قبله، وبالتخيير: أن يفعل منها ما شاء ابتداءً من غير عجز عن


(١) يراجع في هذه المسألة قول ابن القيم في "تهذيب سنن أبي داود" (٣/٢٧٩-٢٨٢) .
(٢) أخرجه البخاري معلقًا ووصله الدارقطني في كتاب الذبح، وصحح إسناده الألباني في "مختصره" (١/٥٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>