للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قال ابن رجب الحنبلي:

"يكون استثناء الصوم من الأعمال المضاعفة فتكون الأعمال كلها تضاعف بعشر امثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصيام فإنه لا ينحصر تضعيفه في هذا العدد بل يضاعفه الله عز وجل أضعافاً كثيرة بغير حصر عدد.

فإن الصيام من الصبر وقد قال الله تعالى: (إنما يوفى الصابرون) الآية، ولهذا ورد عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه سمى رمضان شهر الصبر، وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "الصوم نصف الصبر"

والصبر على ثلاثة أنواع:

صبر على طاعة الله، وصبر عن محارم الله، وصبر على الأقدار المؤلمة.

وتجتمع الثلاثة في الصوم فإن فيه صبراً على طاعة الله، وصبراً عما حرّم الله على الصائم من الشهوات، وصبراً على ما يحصل للصائم فيه من ألم الجوع والعطش وضعف النفس والبدن، وهذا الألم الناشئ من أعمال الطاعات يثاب عليه صاحبه كما قال الله تعالى في المجاهدين: (ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطئون موطأً يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلاً إلا كتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين) (١) .

قال ابن حجر: "يأتي في غير ما حديث أن صوم اليوم بعشرة أيام المراد أن صيام اليوم الواحد يكتب بعشرة أيام، وأما مقدار ثواب ذلك فلا يعلمه إلا الله تعالى".

ويؤيده أيضاً العرف المستفاد من قوله: "أنا أجزي به" لأن الكريم إذا قال: أنا أتولى الإعطاء بنفسي كان في ذلك إشارة إلى تعظيم ذلك العطاء وتفخيمه".

قال عز الدين بن عبد السلام: "أنا أجزي به" معناه تعظيم جزائه بأنه هو المتولي لإسدائه، وإن كان هو المجازي على الطاعات" (٢) .

[الفضيلة الخامسة: الصيام مناسب لصفة من صفات الحق]

الله هو الغني، وهو القيوم، وهو الصمد.


(١) "لطائف المعارف" لابن رجب (ص ١٦٨) .
(٢) "فوائد الصوم" لعز الدين بن عبد السلام (ص ٢٣) تحقيق عبد الله نذير - دار ابن حزم.

<<  <  ج: ص:  >  >>