للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بفعل القرب من الصدقات في أيام الصيام وأيام الفطر، ومن مظاهر الشكر لبس أحسن الثياب يوم الفطر" (١) .

[(د) الصوم وإعداد الأمة]

لقد كان من الطبيعي أن يفرض الصوم على الأمة التي يفرض عليها الجهاد في سبيل الله لتقرير منهجه في الأرض، وللقوامة به على البشرية، وللشهادة على الناس، فالصوم هو مجال تقرير الإرادة العازمة الجازمة، ومجال اتصال الإنسان بربه اتصال طاعة وانقياد، كما أنه مجال الاستعلاء على ضرورات الجسد كلها واحتمال ضعفها وثقلها، إيثاراً لما عند الله من الرضى والمتاع، وهذه كلها عناصر لازمة في إعداد النفوس لاحتمال مشقات الطريق المفروش بالعقبات والأشواك؛ والذي تتناثر على جوانبه الرغاب والشهوات؛ والذي تهتف بالسالكيه آلاف المغريات" (٢) .

[(هـ) الصوم رياضة للنفس على ترك الشهوات]

إذا كان من المتعذر على الإنسان بما هو مستودع فيه أن يتجرد عن شهوة الجسد، إذ من المتعذر عليه الانقطاع البات عن إمداد جسده بما فطره الله فيه، فكان من اللازم لتطلب ارتقاء نفسه أن يتدرج به في الدرجات الممكنة من تهذيب شهوته وتخليصه من التوغل فيها بقدر الإمكان، لذلك كان الصوم من أهم مقومات هذا الغرض، لأن فيه خصلتين عظيمتين؛ هما: الاقتصاد في إمداد القوى الحيوانية وتعود الصبر بردها عن دواعيها "وبذلك يحصل للإنسان دُربة على ترك شهواته، فيتأهل للتخلق بالكمال، فإن الحائل بينه وبين الكمالات والفضائل هو ضعف التحمل للانصراف عن هواه وشهواته.

إذا المرء لم يترك طعاماً يحبه ... ولم يَنْه قلباً غاوياً حيث يَمَّما

فيوشك أن تلقى له الدهر سبة ... إذا ذكرت أمثالُها تملأُ الفما (٣)


(١) "التحرير والتنوير" (٢/١٧٧) .
(٢) "الظلال" (١/١٦٧) .
(٣) "التحرير والتنوير" (٢/١٦٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>