رَمَضانُ هذي مِنْ فُيوضِكَ رَشْفَةٌ ... بَلَّتْ لأحْشاءِ الشَّجِيِّ غَليلا
جِئْنا لنَنْعَمَ في لِقاكَ.. ونحتَفي ... بكَ فِتْيةً عَرَفُوا الهُدَى وكُهولا
ولَكَ الجَوانِحُ رائحًا أَو غادِيًا ... مَثْويً تَحِل به رِضًا وقَبُولا
تأملات في رمضان (*)
أَطِليّ عَلَيْنا مِنْ سَمائِكِ كالبَدْرِ ... فلَيْلُ السُّرَى مِنْ حَوْلِنا تائِهُ الفَجْرِ
أَطِليّ ... فَفِي طَياتِكِ النورُ والهُدى ... هُوَ البَلسَمُ الشّافي لأدْوائِنا الكُثْرِ
ويا ذِكْرَياتِ المجْدِ سِفْرُك حافِلٌ ... تُطَالِعُنا آياتُهُ مِنْ حِمى "بَدْرِ"
وتَنْفَحُنا مِنْ رَوْعةِ "الفَتْحِ" نفْحَةٌ ... تَموجُ لها الأحْلاَمُ ضاحِكَةَ الثغْرِ
رَأَيْنا فُلولَ الشِّرْكِ كيفَ تَحطمَتْ ... على صخْرَةِ الإيمانِ في وَقْعَةِ الدّهْرِ
وكيفَ تَحَدّى الفَجْرُ جَيشَ ظَلامِهمْ ... وخَطَّ سَبيلَ المؤمِنينَ إلى النّصْرِ
وأَعْلَنَ أَنَّ الحَق لابُدَّ ظافِرٌ ... ولوْ بعْدَ حِينٍ فانَتظِرْ ساعَةَ الصفْر
رَسُولُ الهُدى قدْ كانَ للناسِ رَحْمَةً ... تَشِعُّ بأنْوارِ الهِدايةِ والبِرّ
أَقامَ بعَيْنِ الله دَوْلتَهُ الّتي ... هِيَ العَدْلُ في أَعْلى مَراتِبهِ الغُرِّ
وَكنّآ بِه خيرَ الأنام.. فما لَنا ... نُخالِفُهُ نَحْوَ الضلالَةِ والخُسْرِ؟!
بَواتِرُنا كانَتْ إذا التمعت ضحى ... يَبِيتُ لَها كسْرى وقَيْصَرُ في ذُعْرِ
حضارتنا كانت هي العلم والتقى ... ولكنَّ هذا العَصْرَ يَفْخَرُ بالعُهْرِ
تَدورُ بِنا الأيامُ.. والكُلُّ غافلٌ ... وها نحنُ في التيّهِ البَعيدِ.. ولا نَدْري
(*) أحمد محمد الصديق من ديوان "نداء الحق".