للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن هل يجب على العابد أن يبقى ذاكرًا لهذه النية غير غافل عنها طيلة العبادة؟

الجواب: لا، لا يجب عليه ذلك؛ لأن إلزام العباد بهذا في غاية المشقة والكلفة، بل لو قيل بوجوبه لكان من التكليف بما لا يطاق؛ لأن العباد مأمورون بأشياء أخرى غير النية في أثناء العبادة كالصلاة مثلاً، فإنهم مأمورون بالذكر وقراءة القرآن والتفكر والتفهم لذلك كله.

وفي الصيام يشغل العابد بأمور خارجة عن العبادة لا يتذكر معها النية فقد يكون مشغولاً بالبيع والشراء وأعمال الدنيا، بل قد ينام فيغفل عن كل شيء.

من هنا نصّ العلماء على أن الواجب على العابد "استصحاب حكم النية دون حقيقتها"، ويريدون بالاستصحاب هنا أن الشارع حكم بعدم بطلانها حال ذهول العابد عنها، وعزوبها عنه، وكل ما يلزم العابد في هذه الحال ألا يأتي بما ينافيها ويبطلها، كأن ينوي قطعها أو يرفضها.

وسنذكر فيما يلي مسائل لها صلة بهذا الشرط (١) .

[(٢) رفض النية:]

رفض النية معناه: "تقدير ما وجد من العبادة والنية كالمعدوم".

ورفض العبادة إما أن يكون بعد الانتهاء منها، أو في أثنائها:

[(أ) رفض النية بعد تمام العبادة:]

رفض الصوم بعد تمامه لا أثر له في إبطاله.

والقول بهذا هو المذهب الصحيح المشهور عند الشافعية.

ومدار الفتوى عند المالكية أن رفض نية العبادة لا أثر له في إبطال الصوم والصلاة وغيرها من العبادات.


(١) راجع في هذه المسألة: "قواعد الأحكام" (١/٣٠٧) ، "الذخيرة" (١/٢٤٣) ، "المغني" لابن قدامة (١/١١٢) ، (١/٤٦٧) ، "الأم" (١/٢٥، ٨٦) ، "الخطاب" على خليل (١/٢٣٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>