"هل يجوز للصائم في رمضان أن ينشئ سفرا، ثم لا يصوم فيه؟ فإن الجمهور على أن يجوز ذلك له. وروي عن بعضهم وهو عبيدة السلماني وسويد بن غفلة وابن مجلز: أنه إن سافر فيه صام ولم يجيزوا له الفطر.
والسبب في اختلافهم: اختلافهم في مفهوم قوله تعالى: (فمن شهد منكم الشهر فليصمه)
وذلك أنه يحتمل أن يفهم منه أن من شهد بعض الشهر فالواجب عليه أن يصومه كله، ويحتمل أن يفهم منه أن من شهد أن الواجب أن يصوم ذلك البعض الذي شهده، وذلك أنه لما كان المفهوم باتفاق أن من شهده كله فهو يصومه كله، كان من شهد بعضه فهو يصوم بعضه، ويؤيد تأويل الجمهور إنشاء رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - السفر في رمضان".
[يريد الله بكم اليسر]
"هذه هي القاعدة الكبرى في تكاليف هذه العقيدة كلها، فهي ميسرة لا عسر فيها، وهي توحي للقلب الذي يتذوقها، بالسهولة واليسر في أخذ الحياة كلها، وتطبع نفس المسلم بطابع خاص من السماحة التي لا تكلف فيها ولا تعقيد.
سماحة تؤدي معها كل التكاليف وكل الفرائض وكل نشاط الحياة الجادة وكأنما هي سيل الحياة الجاري، ونمو الشجرة الصاعدة في طمأنينة وثقة ورضاء مع الشعور الدائم برحمة الله وإرادته اليسر لا العسر بعباده المؤمنين.
إن علينا أن نأخذ هذا الدين -كما أراده الله- بتكاليفه كلها، طاعة وتقوى، وأن نأخذه جملة بعزائمه ورخصه، متكاملاً متناسقا في طمأنينة