للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن حجر في "الفتح" (٤/٢٧٥-٢٧٦) : "استدل بأحاديث الباب على منع إفراد يوم الجمعة بالصيام، ونقله أبو الطب الطبري عن أحمد وابن المنذر وبعض الشافعية، وكأنه أخذه من قول ابن المنذر: ثبت النهي عن صوم يوم الجمعة، كما ثبت عن صوم يوم العيد، وزاد يوم الجمعة الأمر بفطر من أراد إفراده بالصوم فهذا قد يشعر بأنه يرى تحريمه".

وقال أبو جعفر الطبري: "يفرق بين العيد والجمعة بأن الإجماع منعقد على تحريم صوم يوم العيد ولو صام قبله أو بعده، بخلاف يوم الجمعة فالإجماع منعقد على جواز صومه لمن صام قبله أو بعده. ونقل ابن المنذر وابن حزم منع صومه عن علي وأبي هريرة وسلمان وأبي ذر، قال ابن حزم: لا نعلم لهم مخالفا من الصحابة وذهب الجمهور إلى أن النهي فيه للتنزيه. وعن مالك وأبي حنيفة لا يكره".

* وقال النووي في "شرح مسلم" (٣/١٩٧) : "وأما قول مالك في "الموطأ": لم أسمع أحداً من أهل العلم والفقه، ومَنْ يقتدَى نهى عن صيام يوم الجمعة، وصيامه حسن، وقد رأيت بعض أهل العلم يصومه، وأراه كان يتحراه، فهذا الذي قاله هو الذي رآه، وقد رأى غيره خلاف ما رأى هو، والسنة مقدمة على ما رآه هو وغيره، وقد ثبت النهي عن صوم يوم الجمعة فيتعين القول به. ومالك معذور؛ فإنه لم يبلغه، قال الداودي -من أصحاب مالك-: لم يبلغ مالكا هذا الحديث، ولو بلغه لم يخالفه".

* قال ابن حجر (٤/٢٧٦) : وزعم عياض أن كلام مالك يؤخذ منه النهي عن إفراده لأنه كره أن يخص يوم من الأيام بالعبادة فيكون له في المسألة روايتان. وعاب ابن العربي قول عبد الوهاب منهم: يوم لا يكره صومه مع غيره فلا يكره وحده، لكونه قياسا مع وجود النص.

واستدل الحنفية بحديث ابن مسعود: "كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصوم من كل شهر ثلاثة أيام، وقلما كان يفطر يوم الجمعة". حسنه الترمذي، وليس فيه حجة لأنه يحتمل أن يريد كان لا يتعمد فطره إذا وقع في الأيام التي كان يصومها، ولا يضاد ذلك كراهة إفراده بالصوم جمعا بين الحديثين، ومنهم من عدّه من الخصائص، وليس بجيد لأنها لا تثبت بالاحتمال. والمشهور عند الشافعية وجهان:

<<  <  ج: ص:  >  >>