جسمي معي غير أن الروح عندكم ... فالجسم في غربة والروح في وطن
أخي: يومنا هذا يوم العيد، قد ميز فيه الشقي والسعيد، فكم فرح بهذا اليوم مسرور وهو مطرود مهجور.
* قال بعض أصحاب سفيان الثوري: خرجت معه يوم عيد فقال: إن أول ما نبدأ به في يومنا هذا غض البصر. ورجع حسان بن أبي سنان من عيده فقالت امرأته: كم من امرأة حسناء قد رأيت؟ فقال: ما نظرت إلا في إبهامي منذ خرجت إلى أن رجعت!
* يا من يفرح في العيد بتحسين لباسه، ويوقن بالموت وما استعد لبأسه، ويغتر بإخوانه وأقرانه وُجلاسه، وكأنه قد أمن سرعة اختلاسه، كيف تقر بالعيد عين مطرود عن الصلاح، كيف يضحك سن مردود عن الفلاح، كيف يُسَر من يُصر على الأفعال القباح، كيف لا يبكي من قد فاته جزيل الأرباح.
* فيا من وفى في رمضان على أحسن حال، لا تتغير بعده في شوال، يا من رأي العيد ووصل إليه، متى تشكر المنعم وتثنى عليه، فكم من صحيح هيأ طيب عيده صار ذلك الطيب في تلحيده.
يا من يصلح في رمضان وعزمه على الزلل في شوال أفسدت رمضان، ويحك! رب الشهرين واحد.
* أخي: ليس العيد ثوبًا يجرّ الخيلاء جره، ولا تناول مطعم بكف شره لا يؤمن شره، إنما العيد لبس توبة عاص تائب يسر بقدوم قلب غائب.
* والله ما عيد يعقوب إلا لقاء يوسف، ولا أيام تشريق الصديق إلا أيام الغار.
يا راكبا تطوى المهامة عيسهُ ... فتريه رضراض الحصى مُترضرضا
بلغ رعاك الله سكان الغَضَى ... مني التحية إن عَرْصت مُعرضا
وقل انقضى زمن الوصال وودُّنا ... باق على مر الليالي ما انقضى