ليس المحب من غيره انقضاء رمضان وتوليه، فالجليل باق لا يزول، ورب الشهر لا يحول.
قد يبلغ الشوق إلى الله بالمشتاق أن يقول:
الناس بالعيد قد سُروا وقد فرحوا ... وما فرحتُ به والواحد الأحد
لما تيقنت أني لا أعاينكم ... غَضَّمتُ عيني فلم أنظر إلى أحد
رمضانهم دائم وشوالهم صائم، أعيادهم سرور القوم بالمحبوب، وأفراحهم بكمال التقوى وترك الذنوب، إذا جن عليهم الليل عادت القلوب بالمناجاة جُدُدا وإذا جاء النهار سلكوا من الصوم جددا (١) .
يجمعون هممهم فيما أهمهم إذا بات هم الغافل بددا، جزموا على ما عزموا، أبدا أعيادهم بقرب القلوب إلى الحبيب دائمة، وأقدامهم في الدجى على باب اللجأ قائمة، وأرواحهم بالاشتياق إلى الملك الخلاق هائمة، قربهم مولاهم فالنفوس عن الفاني الأدنى صائمة.
مغزى العيد الاجتماعي والإنساني:
"أما مغزاه الاجتماعي فهو ما يضيفه على القلوب من أنس، وعلى النفوس من بهجة وعلى الأجسام من راحة، وما يدعو إليه من تجديد أواصر الحب بين الأصدقاء، والتراحم بين الأقرباء.
في العيد تتقارب القلوب على الود، وتجتمع على الألفة، ويتناسى الناس أضغانهم، يجتمعون بعد افتراق، ويتصافون بعد كدر.
* وفي العيد من المغزى الاجتماعي تذكير أبناء المجتمع بحق الضعفاء والعاجزين عليهم حتى تشتمل الفرحة بالعيد كل بيت، وتعم النعمة كل أسرة، وإلى هذا المغزى الاجتماعي العظيم يرمز تشريع "صدقة الفطر" في عيد الفطر، ونحو "الأضاحى" في عيد الأضحى، إن في تقديم صدقة الفطر ليلته إطلاقًا للأيدي الخيّرة، فلا تشرق الشمس العيد إلا والبسمة تعلو شفاه الناس جميعًا.