الصائم لا يدخل إلى جوفه شيئًا من أي طريق وإنما جاء الأكل والشرب فيما يدخل إلى الجوف وعلى هذا فالإبر في العضلات أو في العرق لا تُفطر حتى لو أحس بطمعها في حلقه فإنه لا يفسد صيامه وإنما قال كثير من أهل العلم بأن الإبر المغذية التي يُستغنى بها عن الطعام والشَّراب هي التي تفطر الصائم لأنها بمعنى الأكل والشرب وهي التي إذا استعملها المرء لم يحتج معها إلى الطعام والشراب والشرع حكيم لا يفرق بين شيئين متماثلين بالمعنى وعلى هذا إذا ركب للإنسان إبر مغذية تغنيه عن الطعام والشراب فإنه يكون بذلك كالأكل والشرب ولا يصح له الصوم والغالب أن مثل هذه الإبر لا يحتاج إليها إلا إنسان مريض يباح له الفطر ولكننا نقول ذلك من أجل تبيين الحكم على أنه لقائل أن يقول: إن هذه الإبر أيضًا لا تفطر لأنه لا يحصل بها ما يحصل في الأكل والشرب من التلذذ والشهوة والتغذية الكاملة وملأ المعدة وهذا كله لا يحصل ولهذا تجد الذي يتغذي بها يكون معه شوق كبير إلى الأكل والشرب ويرى أنه لم يستغن بها عن الأكل والشرب ولا ندري فلعل الشرع عندما منع الأكل والشرب للصائم لا لأنه يتغذى به فقط -بل لأنه يتغذى به وينال به شهوته ولكن الاحتياط أن الإنسان لا يستعمل مثل هذه الإبر وهو صائم إلا في حال مرض يبيحُ له الفطر وحينئذ يفطر ويستعملها والله الموفق.
الإبر والحقن العلاجية في نهار رمضان
سؤال: هل الإبر والحقن العلاجية في نهار رمضان تؤثر على الصيام؟
الفتوى: الإبر العلاجية قسمان أحدهما: ما يقصد به التغذية ويستغنى به عن الأكل والشرب لأنها يمعناه فتكون مفطرة لأن نصوص الشرع إذا وجد المعنى الذي تشتمل عليه صورة من الصور حكم على هذه الصورة بحكم ذلك النص.
أما القسم الثاني: وهو الإبر التي لا تغذي يعني أي لا يستغنى بها عن الأكل والشرب فهذه لا تفطر لأنه لا ينالها النص لفظا ولا معنى فهي ليست أكلاً ولا شرابًا ولا بمعنى الأكل ولا الشرب، والأصل صحة الصيام حتى يثبت ما يفسده بمقتضى الدليل الشرعي.