النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى عن النذر وقال:"إنهُ لا يَأتِي بخَير وَإنَّما يُستَخْرَجُ به منَ البَخيل" وقد أشار الله عز وجل إلى النهي عنه في القرآن فقال تعالى: (وأَقسموا بالله جهد أيمانهم لئن أمرتهم ليخرجن قل لا تقسموا طاعة معروفة)[النور: ٥٣] فإذا كان كذلك فلا تنذر فإن نذرت فإن كان طاعة وجب عليك الوفاء به لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "مَنْ نَذَرَ أنْ يُطيعَ الله فَليُطعْه" سواء كان هذا النَّذر مَشُروطًا بشَرط حُصُول نِعمة أو اندِفاع نقمة أو كان نذَرًا مطلقًا، أرجو الانتباه: نذر الطاعة قد يكون مَشْرُوطا بحُصول نعمة أو اندفاع نقمة وقد يكون مُطلقا بلا شرط هذه ثلاثة أحوال، إذا قال قائل لله علي نذر أن أصوم غدًا. هذا نذر طاعة أم لا؟ نذر طاعة مطلق أو مقيد؟ مطلق -يعني ما له سبب، حسنًا إذا قال: إن نجحت في الامتحان فللَّه عليَّ نذر أن أصوم ثلاثة أيام- هذا مقيد بحصول مصلحة أو باندفاع نقمة؟ بحصول مصلحة إذا قال: إن شفى الله مريضي فللَّه عليَّ نذر أن أصوم شهرًا، هذا نذر طاعة مقيد باندفاع نقمة وهو المرض، وعلي هذا فنَذرُ الطاعة يجب الوفاء به، ولكن نذر شهر رجب نسأل هذه الناذرة لماذا خصّت شهر رجب بالنذر؟ إن قالت لأنني اعتقد أن تخصيص رجب بالصوم عبادة.
قلنا لها هذا نذر مكروه ولا يجب الوفاء به؛ لأن تخصيص رجب بالصوم مكروه -يعني يكره للإنسان أن يَخُصَّ رجب بذاته من بين سائر السنة-، أما إذا كانت نذرت شهر رجب لأنه الشهر الموالي لحُصُول الحادث لا لعينه فإنها تصومه فإن عجزت فإن النَّذر الواجب يحذى به حذو الواجب في أصل الشَّرع. وهنا سؤال مني لكم، لو قال قائل: لله عليَّ نذر أن ألبس هذا الثَّوب أيجب عليه أن يوفي نذره أم لا؟ الجواب لا يجب أن يوفي به لأن نذر المباح حكمه حكم اليمين فالآن إن شاء لبس الثوب ولا عليه شيء وإن شاء لم يلبس ووجب عليه أن يُكَفِّر كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين أو كُسوتهم أو تحرير رقبة فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام متتابعة.