الله لا تحصوها) . فهي تربية وتهذيب، ونظام وإصلاح يرقى بالفرد والمجتمع إلى مراقي السعادة والفلاح.
ورأسها وعمادها الصلاة، وهي مناجاة بالقلب واللسان بين العبد ومولاه يشهد فيها العبد افتقاره لخالقه، وإحسان الخالق إليه مع استغنائه عنه، ويعلم عن يقين أن الأمر كله لله، وأن لا معبود بحق سواه، فهو الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد.
ومن أهمها الصيام وهو رياضة روحية تُعِدُّ النفوس البشرية للسمو إلى معارج الكمال، والتحليق في أجواء العلم والعرفان وتُعوِّدها الصبر والثبات والقوة والعزة، وتصفِّيها من شوائب المادية وعوائق الجسمية، وتبغِّض إليها المآثم والمنكرات، وتحبِّب إليها الفضائل والمكرمات.
وقد بنى تشريع الصوم كما بنى التشريع الإسلامي عامة على السماحة والتيسير والطاقة والرفق بالناس، فلم يكن فيه إعنات ولا إرهاق، ولم يكن فيه حرج ولا عسر - قال تعالى:(وما جعل عليكم في الدين من حرج) . وقال في الصوم:(فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون) . وقال عليه الصلاة والسلام:"إذا أمرتكم بأمر فأتوا به ما استطعتم" وفي الحديث الصحيح: "سددوا وقاربوا".
هذه السماحة، وهذا اليسر، قد ظهر جليا في فريضة الصوم، في الترخيص بالفطر للمسافر ولو كان صحيحًا، لما يلازم السفر غالبًا من المشقات والمتاعب، وللمريض لضعف احتماله وحاجته إلى الغذاء والدواء، حتى لا تتفاقم علته أو يبطىء برؤه، ولمن ماثلهما في الضرورة والاحتياج إلى الفطر، كالحامل التي تخاف على نفسها أو جنينها المرض أو الضعف، والمرضع التي تخشى ذلك على نفسها أو رضيعها، والطاعن في السن الذي لا يقدر على الصوم. فأباح الإسلام لهؤلاء فطر رمضان على أن يقضي كل من المسافر