كتاب نداء الريان في فقه الصوم وفضل رمضان

الباب الثاني والعشرون الصوم ورمضان في واحة الشعر - إرهاف للإحساس لصان الدين - ج: 3 - ص: 343

إنما الأرواح تحيا بالذي ... في صيام الجسم تُزجيه السماءْ (١)

يا ربيع الروح أقل، واعطها ... صولجان الحكم في دنيا الشقاء

كي يعيش الناس من آلائها ... في رفاء، وازدهار، وارتقاء (٢)

هل درى أهل الحجا أن الذي ... شيطن الإنسان في الأرض اشتهاء؟ (٣)

زورق الشيطان في وجدانه ... طُعْمَة فيها مع الإفراط داء

ما ارتقت إلا بزهد أنفس ... في طعام عنه عاشت في غَنَاء

واطمأنت في حياة الروح لا ... تبتغي إلا لُقَيمات، وماء

إنما سلطانها من دونه ... كل سلطان به الإنسان باءْ (٤)

حَسْبُهُ أن أخضع النفس التي ... تَسترِقُّ الناس حتي الأقوياء (٥)

أي سلطان يكف النفس عن ... موبقات غير قيد كالوجاء (٦)

إنه الصوم الذي أوحى به ... -رحمة بالناس- رب الحكماء

فيه ترويض لطبع جامح ... فِيه رَوْح، فيه للمرضى شفاء (٧)

فيه للإحساس إرهاف فلا ... يأخذ الدنيا بعين الأغبياء

ليت من قد أفطروا فيه وَعَوْا ... ما به قد جاء خير الأنبياء!

في كتاب مُنْزَل أو سنَّة ... من بيان ليس فيه من خفاء

من تَعَامَى عن هُدَاه عامدًا ... فَليسِرْ في غَيه أنى يشاء

---

(١) تزجيه: ترسله.
(٢) آلائها: نعمها.
(٣) الحجا: العقل.
(٤) باء: رجع.
(٥) تسترق: تستعبد.
(٦) موبقات: مهلكات، والوجاء: قطع مصدر الشهوة.
(٧) روح: راحة وترويح.