إيهِ يا شهرَنا العظيمَ فإنّي ... سَقَطتْ أصْبُعي وضاع زِنادي!
مُنذُ قَرْن وفي فَمي أغْنِيات ... لمْ تُحرِّكْ شرارة في الرمادِ
لَطَمَتْ وجهِيَ الأعاصيرُ هانَتْ ... في عُروقي عَرَاقَةُ الأجْدادِ
بَيْنَ كأسٍ وقَيْنَة بِت أحيا ... مُسْتَهَامًا بِقَدِّها المَيادِ
***
نحن يا شهرَنا العظيمَ غَدَوْنا ... أرْنبات تَفر منْ صيادِ
وغَدَتْ خيمةُ الأخوةِ في الريح ... بِلا أعْمُد (١) ولا أوْتادِ
كتَبتْنا الأيام في هامِشِ السطرِ ... رَوَتْنا من غيرِ ما إسْنادِ
كمْ بَتَرْنا يَدَ الأثِيم فصِرْنَا ... نَلثُمُ اليومَ خِنجر الجلاد
سيدا واحدًا عَبَدْنَا وَها نَحـ ... ـنُ نُعَانِي من تُخْمةِ الأسْيادِ
***
عُفْوَ طُهْر الأنْفاسِ منكَ فَإني ... قدْ فَقَدتُ النجيب منْ أولادي
ملعب، للنُّجوم أنتَ وفوق النجم ... شَعَّت فيما مضى أعْيادي
فيكَ غَنَّتْ بمسْمَع الدهرِ "بَدر" ... وحَدَا موكبَ الرجالِ الحَادي
وتَلَوْنا الأوْرادَ فيكَ فرَاحَ ... النصرُ يَجْري على خُطَا الأوْرادِ
وهدَمْنا مَنَابرَ الشركِ حتى ... فَقَدَ الشركُ ظله في بلادي
مَنحَتْنا الآياتُ وجْها فكنا ... وانْبِلاجَ السَّنَى على مِيعادِ
***
إِيهِ يا شهرَنا العظيم شُموخا ... قَدْ تَنَسمْتُ منْ شَميم الوادي
ضُمنَا ... ضُمنا إليكَ فَإنا ... لمْ نَزَلْ من بَنيكَ وَالأحْفادِ
أطلِقْ الرُّوحَ من عِقالِ التَوابيـ ... ـتِ وزينْ أيَّامَنَا بالجِهادِ
(١) أعمُد: أعْمِدَةُ.