للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منه في كل رمضان ما يفطر عليه، وكان يرسل إليه بفتيت ورقاق فيفطر عليه جميع رمضان" (١) .

يرحم الله نور الدين لا يطعم ولا يفطر في رمضان على طعام المملكة بل يفطر على طعام شيخه.

وهو الذي قال عنه ابن الأثير: "لم يكن بعد عمر بن عبد العزيز مثل الملك نور الدين، ولا أكثر تحريّاً للعدل والإنصاف منه، وكان مقتصداً في الإنفاق على نفسه وعياله في المطعم والملبس، وكانت له دكاكين بحمص قد اشتراها مما يخصه من المغانم، فكان يقتات منها".

كتب إليه الشيخ عمر بن الملا هذا: "إن المفسدين قد كثروا، ويحتاج إلى سياسة، ومثل هذا لا يجيء إلا بقتل وصلب وضرب، وإذا أخذ إنسان في البرية من يجيء ويشهد له؟ فكتب إليه الملك نور الدين على ظهر كتابه: إن الله خلق الخلق وشرع لهم شريعة وهو أعلم بما يصلحهم، ولو علم أن في الشريعة زيادة في المصلحة لشرعها لنا، فلا حاجة بنا إلى الزيادة على ما شرعه الله تعالى فمن زاد فقد زعم أن الشريعة ناقصة فهو يكملها بزيادته، وهذا من الجرأة على الله وعلى ما شرعه، والعقول المظلمة لا تهتدي، والله سبحانه يهدينا وإياك إلى صراط مستقيم، فلما وصل الكتاب إلى الشيخ عمر الملا جمع الناس بالموصل وقرأ عليهم الكتاب وجعل يقول انظروا إلى كتاب الزاهد إلى الملك، وكتاب الملك إلى الزاهد".

فألبس الله هاتيك العظام وإن ... بلين تحت الثرى عفوا وغفرانا

سقى ثرى أودعوه رحمة ملأت ... مثوى قبورهم روحاً وريحاناً

ويرحم الله من يقول:

ومدرسة ستدرس كل شيء ... وتبقى في حمى علم ونسك

تضوع ذكرها شرقاً وغرباً ... بنور الدين محمود بن زنكي (٢)


(١) "البداية والنهاية" (١٢/٣٠٢) .
(٢) "البداية والنهاية" (١٢/٢٩٩-٣٠٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>