الحياة في ظلال القرآن نعمة لا يعرفها إلا من ذاقها، نعمة ترفع العمر وتباركه وتذكيه.
أي تكريم للإنسان يفوق هذا التكريم العلوي الجليل.
(الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا)[الكهف:١] . أي نعمة أعظم من نعمة نزول القرآن.. نعمة لا يسعها حمد البشر فحمد الله نفسه على هذه النعمة.
أي رفعة للعمر يرفعها هذا التنزيل، أي مقام كريم يتفضل به على الإنسان القليل الصغير خالقه الكريم.
قال تعالى:(وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيماً) الآية [النساء: ١١٣] .
هي منة الله على الإنسان في هذه الأرض.. المنة التي ولد الإنسان معها ميلاداً جديداً، ونشأ بها الإنسان نشأة جديدة.
المنة التي التقطت البشرية من سفح الجاهلية لترقى بها في الطريق الصاعد إلى القمة السامقة على طريق المنهج الرباني الفريد العجيب.
المنة التي لا يعرف قدرها إلا الذي عرف الإسلام والجاهلية جاهلية الماضي والحاضر.
وإذا كانت منة يذكر الله بها رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فلأنه أول من عرفها، وذاقها وأكبر من عرفها وذاقها، وأعرف من عرفها وذاقها، قال تعالى:(ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين) الهدى حقيقته، والهدى طبيعته، والهدى كيانه، والهدى ماهيته، القلب المؤمن يدرك قيمة الاهتداء بعد الضلال قيمة الرؤية الواضحة بعد الغبش قيمة الاستقامة على الدرب بعد الحيرة، قيمة الطمأنينة للحق بعد الأرجحة، قيمة التحرر من العبودية للعبيد بالعبودية لله وحده، قيمة الدرب المستقيم بدلاً من التخبط في المنعرجات المظلمة، كما يشفق من ذاق نداوة الظلال أن يعود إلى الهجير القائظ والشواظ.