للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البيت والأسرة، وسلام المجتمع والأمة، وسلام البشر والإنسانية.. السلام مع الحياة، والسلام مع الكون، والسلام مع الله رب الكون والحياة.. السلام الذي لا تجده البشرية.. -ولم تجده يوماً- إلا في هذا الدين؛ وإلا في منهجه ونظامه وشريعته، (سبل السلام) سبل السلام كلها في هذه الجوانب جميعها.. ولا يدرك عمق هذه الحقيقة كما يدركها من ذاق حرب القلق الناشيء من عقائد الجاهلية في أعماق الضمير.. وحرب القلق الناشيء من شرائع الجاهلية وتخبطها في أعماق الحياة.

ما أحوجنا نحن الذين عشنا في هذا السلام فترة من تاريخنا، ثم خرجنا من السلام إلى الحرب التي تحطم أرواحنا وقلوبنا، وتحطم أخلاقنا وسلوكنا، وتحطم مجتمعنا وشعوبنا.. بينما نملك الدخول في السلم الذي منحه الله لنا؛ حين نتبع رضوانه؛ ونرضى لأنفسنا ما رضيه الله لنا! إننا نعاني من ويلات الجاهلية، والقرآن منا قريب.. نعاني من حرب الجاهلية وسلام القرآن في متناول أيدينا لو نشاء.. فأية صفقة خاسرة هذه التي نستبدل فيها الذي هو أدنى بالذي هو خير؟ ونشتري فيها الضلالة بالهدى؟

(ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه) [المائدة: ١٦] .

والجاهلية كلها ظلمات، ظلمة الشبهات والخرافات والأساطير والتصورات، وظلمة الشهوات والنزعات والاندفاعات في التيه، وظلمة الحيرة والقلق والانقطاع عن الهدى والوحشة من الجناب الآمن المأنوس. وظلمة اضطراب القيم وتخلخل الأحكام والقيم والموازين (ويهديهم إلى صراط مستقيم) [المائدة: ١٦] .

مستقيم مع فطرة النفس ونواميسها.. مستقيم مع فطرة الكون ونواميسه، مستقيم إلى الله لا يلتوي ولا تلتبس فيه الحقائق والاتجاهات والغايات (١) .

(ألا بذكر الله تطمئن القلوب) [الرعد: ٢٨] .

"ذلك الاطمئنان بذكر الله في قلوب المؤمنين حقيقة عميقة يعرفها الذين


(١) "في ظلال القرآن" (٢/٨٦٢، ٨٦٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>