وقال تعالى:(إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعداً عليه حقاً في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم)[التوبة: ١١١] .
بيعة الله لا ييقى بعدها للمؤمن شيء في نفسه ولا في ماله يحتجزه دون الله سبحانه، باع المؤمن نفسه وماله مقابل الجنة وهو ثمن لا تعدله السلعة ولكن فضل الله ومَنَّه لم يعد لهم أن يستبقوا منها بقية لا ينفقونها في سبيله لم يعد لهم خيار في أن يبذلوا أو يمسكوا ... كلا ... إنها صفقة مشتراه لشاريها أن يتصرف بها وفق ما يفرض ووفق ما يحدد. ربح البيع لا نقيل ولا نستقيل.
ما الذي فات المؤمن الذي يسلم نفسه وماله ويستعيض الجنة؟ فالجنة الكسب كل الكسب.
قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "عليكم بالجهاد في سبيل الله فإنه باب من أبواب الجنة يذهب الله به الهم والغم"(١)(يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثقالتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل)[التوبة: ٣٨] .
إنها ثقلة الأرض ومطامع الأرض وتصورات الأرض ثقلة الخوف على الحياة والخوف على المال والخوف على اللذائذ والمصالح والمتاع، ثقلة الدعة والراحة.
ثقلة اللحم والدم والتراب والجسم المترف الثقيل وهم مع هذا يقدمون على مذابح الذل أضعاف ما تتطلبه منهم الكرامة لو قدموا لها الفداء.
(١) صحيح: رواه الطبراني في "الأوسط" عن أبي أمامة، وأحمد والحاكم والضياء عن عبادة وصححه الألباني في "صحيح الجامع".