للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذلك لأن الرجل لم يكن في نفسه صادقاً، بل كان كاذباً يزعم أن الوحى يأتيه على يد جبريل ولما دخل زيد بن الأرقم عليه قال له: يا أبا عامر لو شفت رأي جبريل وميكائيل، فقال له زيد، خسرت وتعست، أنت أهون على الله من ذلك، كذاب مفتر على الله ورسوله (١) .

وفي حديث أسماء عند أحمد أن أسماء قالت للحجاج "والله لقد أخبرنا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه سيخرج من ثقيف كذابان الآخر منهما شر من الأول".

وعند مسلم عنها أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "إن في ثقيف كذاباً مبيرا".

قال ابن كثير: "وقد ذكر العلماء أن الكذاب هو المختار بن أبي عبيد، وكان يظهر التشيع ويبطن الكهانة، وأسر إلى أخصائه أنه يوحى إليه، ولكن ما أدري هل كان يدعي النبوة أم لا، وكان قد وضع له كرسي يعظم ويحف به الرجال، ويستر بالحرير ويحمل على البغال، وكان يضاهي به تابوت بني إسرائيل المذكور في القرآن، ولا شك أنه كان ضالاً مضلاً أراح الله المسلمين منه" (٢) .

"روى ابن أبي حاتم عن عكرمة قال: قدمت على المختار فأكرمني وأنزلني عنده، وكان يتعاهد مبيتي بالليل قال: فقال لي: اخرج فحدّث الناس، قال: فخرجت فجاء رجل فقال: ما تقول في الوحي؟ فقلت: الوحي وحيان قال الله تعالى: (بما أوحينا إليك هذا القرآن) [يوسف: ٣] ، وقال تعالى: (وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا) [الأنعام: ١١٢] ، قال: فهموا أن يأخذوني فقلت: ما لكم وذاك! إني مفتيكم وضيفكم، فتركوني، وإنما أراد عكرمة أن يعرض بالمختار وكذبه في ادعائه أن الوحى ينزل عليه".

وقد قيل لابن عمر: إن المختار يزعم أن الوحىَ يأتيه، فقال صدق قال تعالى: (وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم) [الأنعام: ١٢١] (٣) .


(١) "البداية والنهاية" (٨/٢٩٠-٢٩٥) .
(٢) "البداية والنهاية" (٨/٢٩٥) .
(٣) "البداية والنهاية" (٨/٢٩٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>