من عجزهما عن هزيمة العساكر الإسلامية، فأبرما صلحاً مع السلطان مراد، على أن يدفعا له خراجاً سنويّاً.
ولم يستمر هذا الصلح طويلاً فقد نقضه النصارى، وبدأوا يعدُّون العدة لمحاربة المسلمين، إلا أن العثمانيين لم يمهلوهم فاجتاحت جيوشهم بلاد البلغار وهزمت ملكها واحتلت مدُنها، وانتهى الأمر بأسر ملك البلغار.
ولما علم ملك الصرب لازار بذلك بدأ يستعد لمواجهة المسلمين فألَّف جيشاً من الصرب والبوسنة والهرسك والألبان والأفلاق والبُغدان وتعاهد الجميع على محاربة المسلمين والاستيلاء على الدولة العثمانية، وبلغ الخبر مسامع السلطان مراد فألف مجلسا للشورى والنظر في الأمر، لكن ولده بايزيد هتف قائلاً في المجلس:"الحرب الحرب والقتال القتال" فأبطل كل مشورة، ودقَّت طبول الحرب وسار الجيش الإسلامي إلى الأعداء فالتقاهم في سهل "قوص أوه" سنة إحدى وتسعين وسبعمائة ونشب القتال بين الجانبين ووثب المسلمون على النصارى والتحموا معهم في القتال التحاما لم يعد ورى معه إلا جماجم طائرة وفرسان غائرة، ودويّ سلاح يدك الجبال الشامخة، وبقيت الحرب بينهما سجالاً مدةً من الزمن دافع الصليبيون الصرب خلالها دفاعاً مستميتاً، وتناثرت الرؤوس، وأزهقت النفوس، وفي أثناء المعركة انحاز صهر ملك الصرب بفرقته إلى المسلمين، ودارت الدائرة على الصربيين، وجرح ملكهم لازار، ثم وقع أسيراً في يد المسلمين، وانتصر المسلمون على الصربيين وكانت من المعارك الحاسمة في تاريخ أوروبا الشرقية، وظلَّ ذكرها شهيراً في أوروبا بأسرها، وزال استقلال الصرب وخضعت كل بلادها للمسلمين، كما فقدت البلغار استقلالها من قبل.
وبعد المعركة أخذ السلطان مراد يتمشى بين الجثث وينظر إليها بعين الاندهاش، إذ قام من بينها جندي صربي اسمه "ميلوك كوبلوفتش" فطعن السلطان بخنجر طعنة قاضية، وسقط -رحمه الله- ليسلم الروح بعد قليل.
وهكذا شهد سهل كوسوفو بولجي معركة (قوص أوه) الحاسمة بين المسلمين والصرب، وانتصر المسلمون انتصاراً عظيماً، وأخذ الإسلام ينتشر في تلك البقاع حتى تحولت مناطق كاملة إلى الإسلام كما هو الحال في البوسنة والهرسك وكوسفو وغيرها.