حكامها المتأخرين أظهروا العداوة للمسلمين وبدأوا يحاربونهم ويفتنونهم عن دينهم ويضيقون عليهم، وإذا كان المسلمون في أول الأمر قد كفوا عن مهاجمة الحبشة ولم يمدوا إليها موجة الجهاد الإسلامي، فإنهم اضطروا أخيراً إلى إعلان الجهاد ومهاجمة الدولة النصرانية للدفاع عن دينهم وأنفسهم وإخوانهم المسلمين.
وتوالى عدد من الحكام المسلمين المجاهدين الذين قتل أغلبهم في ساحات المعارك مع النصارى، وكلما سقط واحد منهم رفع اللواء آخر، حتى آل إلى مجاهد كبير وقائد عظيم من قادة المسملمين الأحباش ذلك هو الإمام أحمد بن إبراهيم القرين أو أحمد جران كما يسميه المسلمون هناك.
كان هذا الإمام ابنا لقسيس حبشي فاعتنق الإسلام وحسن إسلامه، ووجد نفسه في دولة إسلامية ضعيفة، يهيمن عليها النصارى، ويأخذون من حكامها الجزية عكس ما يدعو إليه الإسلام، فلم يستسلم لذلك بل عمل على تقوية المسلمين وذلك بالدعوة إلى الجهاد وإثارته في النفوس.
واستطاع الإمام أحمد توحيد الدولة الإسلامية في الحبشة، وكان أول عمل قام به بعد ذلك هو منع دفع الجزية للملوك النصارى، وعندئذ أصبح قيام الحرب بينهم أمر لا مفر منه، وعندما تحركت جيوش الحبشة النصرانية، واجتاحت مملكة المسلمين تصدى لها الإمام أحمد وهزمها شر هزيمة، وعندئذٍ اشتعلت في نفوس المسلمين حماسة الجهاد في سبيل الله والتي كمنت في نفوسهم وقتا طويلاً.
واستطاع الإمام أحمد تنظيم صفوف القبائل المسلمة في مهارة فائقة، وجعل منهم قوة ضاربة منيعة، وعندما تم له ذلك، أعلن الجهاد في سبيل الله، وحاول البعض من المسلمين اليائسين تحذيره من هذا الأمر، وأن مصيره سيكون مثل مصير الحكام السابقين الذين ماتوا في ساحات المعارك، ولكن الإمام أجابهم بأن الجهاد في سبيل الله لا يمكن أن يعود بالخسران على المسلمين.
وتوالت انتصارات المسلمين في الحبشة وتوالى سقوط المدن النصرانية في أيدي المسلمين، وسيطروا على وسط الحبشة وجنوبها في مدة وجيزة، وأقبل الأحباش على