للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"اعلم أن الصوم ثلاث درجات: صوم العموم، وصوم الخصوص، وصوم خصوص الخصوص".

* أما صوم العموم: فهو كف البطن والفرج عن قضاء الشهوة.

* وأما صوم الخصوص: فهو كف السمع والبصر واللسان واليد والرجل وسائر الجوارح عن الآثام.

* وأما صوم خصوص الخصوص: "فصوم القلب عن الهضم الدنية والأفكار الدنيوية وكفه عما سوى الله بالكلية. فهو إقبال بكل الهمة على الله عز وجل وانصراف عن غير الله سبحانه" (١) .

يقول العلامة ابن رجب: "الطبقة الثانية من الصائمين: من يصوم في الدنيا عمّا سوى الله، فيحفظ الرأس وما حَوى، ويحفظ البطن وما وعى، ويذكر الموت والبلى، ويريد الآخرة فيترك زينة الدنيا، فهذا عيد فطره يوم لقاء ربه وفرحه برؤيته" (٢) .

أهل الخصوص من الصُوّام صومهم ... صون اللسان عن البهتان والكذب

والعارفون وأهل الأنس صومهم ... صون القلوب عن الأغيار والحجب

العارفون لا يسليهم عن رؤية مولاهم قصر، ولا يرويهم دون مشاهدته نهر، هممهم أجل من ذلك.

كبرت همة عبد ... طمعت في أن تراك

من يصم عن مفطرات ... فصيامي عن سواك

* من صام عن شهواته أدركها غداً في الجنة، ومن صام عمّا سوى الله فعيده يوم لقائه (من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لآت) [العنكبوت:٥] .

وقد صمت عن لذات دهري كلها ... ويوم لقاكم ذاك فطر صيامي

يا معشر التائبين: صوموا اليوم عن شهوات الهوى لتدركوا عيد الفطر يوم اللقاء لا يطولن عليكم الأمل باستبطاء الأجل، فإن معظم نهار الصيام قد ذهب، وعيد اللقاء


(١) "إحياء علوم الدين" (١/٢٧٧) .
(٢) "لطائف المعارف" (ص ١٦٨-١٦٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>