للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي حديث أنس عند الطبراني في "الأوسط" "من لم يدع الخنا والكذب".

قال ابن حجر: ورجاله ثقات.

"فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه".

"قال ابن بطال: ليس معناه أن يؤمر بأن يدع صيامه، وإنما معناه التحذير من قول الزور وما ذكر معه".

وقال ابن الكمال: هذا وما أشبهه يتفرع على الكناية أي ليس له اعتبار عند الله.

وقال الزين العراقي: أي ليس مطلوب له. وقال ابن حجر: "معناه فليس لله إرادة في صيامه فوضع الحاجة موضع الإرادة، وقد سبق أبو عمر بن عبد البر إلى شيء من ذلك. قال ابن المنير في الحاشية: بل هو كناية عن عدم القبول كما يقول المغضب لمن ردّ عليه شيئاً طلبه منه فلم يقم به: لا حاجة لي بكذا، فالمراد ردّ الصوم المتلبس بالزور وقبول السالم منه.

قال ابن العربي: مقتضى هذا الحديث أن من فعل ما ذكر لا يثاب على صيامه، ومعناه أن ثواب الصيام لا يقوم في الموازنة بإثم الزور وما ذكر معه.

وقال البيضاوي: ليس المقصود من شرعية الصوم نفس الجوع والعطش، بل ما يتبعه من كسر الشهوات وتطويع النفس الأمارة للنفس المطمئنة، فإذا لم يحصل ذلك لا ينظر الله إليه نظر المقبول، فنفى السبب وأراد المسبب والله أعلم. واستدل به على أن هذه الأفعال تنقص الصوم، وتعقب بأنها صغائر تكفر باجتناب الكبائر. والرفث والصخب وقول الزور والعمل به مما علم النهي عنه مطلقاً، والصوم مأمور به مطلقاً، فلو كانت هذه الأمور إذا حصلت فيه لم يتأثر بها لم يكن لذكرها فيه مشروطة فيه معنى يفهمه، فلما ذكرت في هذين الحديثين نبهتنا على أمرين: أحدهما: زيادة قبحها في الصوم على غيرها، والثاني: البحث على سلامة الصوم عنها وأن سلامته منها صفة كمال فيه، فمقتضى ذلك أن الصوم يكمل بالسلامة منها، قال: فإذا لم يسلم عنها نقص. ثم قال: ولا شك أن التكاليف قد ترد بأشياء وينبه بها على أخرى بطريق الإشارة، وليس المقصود من الصوم العدم المحض كما في المنهيات لأنه يشترط له النية بالإجماع، ولعلّ القصد به في الأصل الإمساك عن جميع المخالفات، لكن لما كان ذلك يشق خفف الله وأمر

<<  <  ج: ص:  >  >>