* وعن ابن عباس أنه كره أن يصام رجب كله، وعن ابن عمر وابن عباس أنهما كانا يريان أن يفطر منه أياماً. وكرهه أنس أيضاً وسعيد بن جبير: وكره صيام رجب كله يحيى ابن سعيد الأنصاري والإمام أحمد.
وقال الشافعي في القديم: أكره أن يتخذ الرجل صوم شهر يكمله كما يكمل رمضان، وقال: إنما كرهته أن لا يتأسى رجل جاهل فيظن أن ذلك واجب وإن فعل لحسن. وتزول كراهة إفراد رجب بالصوم بأن يصوم معه شهراً آخر تطوعاً عند بعض أصحابنا مثل أن يصوم الأشهر الحرم أو يصوم رجب وشعبان.
وقد تقدم عن ابن عمر وغيره صيام الأشهر الحرم. والمنصوص عن أحمد أنه لا يصومه بتمامه إلا من صام الدهر ويروي عن ابن عمر ما يدل.
* عن عبد الله مولى أسماء بنت أبي بكر:"أرسلتني أسماء إلى عبد الله بن عمر فقالت: بلغني أنك تحرم أشياء ثلاثة: العلم في الثوب، وميثرة الأرجوان، وصوم رجب كله! فقال لي عبد الله: أما ما ذكرت من رجب فكيف بمن يصوم الأبد" أخرجه مسلم وأحمد.
قال ابن رجب:"وهذا يدل على أنه لا يصام رجب إلا مع صوم الدهر".
قال الألباني في "إرواء الغليل"(٤/١١٥-١١٦) :
"فكيف بمن يصوم الأبد: فسروه بأنه إنكار منه لما بلغ أسماء من تحريمه، وإخبار منه أنه يصوم رجبا كله، وأنه يصوم الأبد" كما في "شرح مسلم" للنووي و"السراج الوهاج" لصديق حسن خان.
فلعل التوفيق بين صومه لرجب، وكراهته لذلك، أن تحمل الكراهة على إفراد رجب بالصوم كما يفرد رمضان به، فأما صيامه في جملة ما يصوم فليس مكروهاً عنده والله أعلم.
وقال الألباني:"نهى عمر رضي الله عنه عن صوم رجب المفهوم من ضربه للمترجبين ليس نهياً لذاته بل لكي لا يلتزموا صيامه ويتموه كما يفعلون برمضان".