وأمّا الصمت عن الكلام مطلقاً في الصوم، أو الاعتكاف، أو غيرهما فبدعة مكروهة باتفاق أهل العلم لكن هل ذك محرم أو مكروه؟ فيه قولان في مذهبه وغيره.
وفي صحيح البخاري أن أبا بكر الصديق دخل على امرأة من أحمس فوجدها مصمتة لا تتكلم، فقال لها أبو بكر: إن هذا لا يحل إن هذا من عمل الجاهلية.
وعن ابن عباس أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رأى رجلاً قائماً في الشمس، فقال:"من هذا؟ " فقالوا: هذا أبو إسرائيل، نذر أن يقوم في الشمس ولا يستظل ولا يتكلم ويصوم. فقال:"مروه فليجلس وليستظل وليتكلم وليتم صومه" فأمره - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مع نذره للصمت أن يتكلم كما أمره مع نذره للقيام أن يجلس، ومع نذره أن لا يستظل أن يستظل، وإنما أمره بأن يوفي بالصوم فقط. وهذا صريح في أن هذه الأعمال ليست من القرب التي يؤمر بها الناذر.
فقول الخير وهو الواجب أو المستحب خير من السكوت عنه، وما ليس بواجب ولا مستحب، فالسكوت عنه خير من قوله. ولهذا قال بعض السلف لصاحبه:"السكوت عن الشر خير من التكلم به"، فقال له الآخر:"التكلم بالخير خير من السكوت عنه".