للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسولهم، فقال: ما تنظرون إليّ قد -والله- أخبرني أنه صائم، فقال أبو هريرة: صدق، سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: "من صام ثلاثة أيام من كل شهر، فقد صام الشهر كله"، وقد صمت ثلاثة أيام من كل شهر، وإني الشهر كله صائم، ووجدت تصديق ذلك في كتاب الله جل وعلا: (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها) [الأنعام: ١٦٠] (١) .

* عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: أُخبر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أني أقول: والله لأصومنّ النهار، ولأقومنّ الليل ما عشت، فقلت له: قد قلته يا رسول الله. قال: "فإنك لا تستطيع ذلك، صم وأفطر، ونم وقم، وصم من الشهر ثلاثة أيام، فإن الحسنة بعشر أمثالها، وذلك مثل صيام الدهر" (٢) .

قال ابن حجر في الجمع بين الأحاديث المختلفة في صيام الثلاثة أيام:

حديث عائشة قالت: "كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصوم من كل شهر ثلاثة أيام ما يبالي من أي شهر صام" قال (٣) : فكل من رآه فعل نوعاً ذكره، وعائشة رأت جميع ذلك وغيره فأطلقت. والذي يظهر أن الذي أمر به وحث عليه ووصى به أولى من غيره، وأما هو فلعله كان يعرض له ما يشغله عن مراعاة ذلك، أو كان يفعل ذلك لبيان الجواز، وكل ذلك في حقه أفضل، وتترجح البيض. ورجح بعضهم صيام الثلاثة في أول الشهر لأن المرء لا يدري ما يعرض له من الموانع، وقال بعضهم: يصوم من أول كل عشرة أيام يوماً، وله وجه في النظر، ونقل ذلك عن أبي الدرداء وهو يوافق ما تقدم في رواية النسائي.

واختار النخعي أن يصومها آخر الشهر ليكون كفارة لما مضى ويؤيده حديث عمران ابن حصين في الأمر بصيام سرار الشهر، وقال الروياني: صيام ثلاثة أيام من كل شهر مستحب، فإن اتفقت أيام البيض كان أحب.

وفي كلام غير واحد من العلماء أيضاً أن استحباب صيام البيض غير استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر" (٤) .


(١) إسناده صحيح على شرط مسلم، رواه ابن حبان بلفظه، والنسائي والطيالسي وأحمد.
(٢) إسناده صحيح: رواه ابن حبان في صحيحه والبخاري وعبد الرزاق وأحمد.
(٣) أي البيهقي.
(٤) "فتح الباري" (٤/٢٦٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>