للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم ينه حمزة بن عمرو عن السرد فلو كان السرد ممتنعاً لبينه له لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز قاله النووي.

* واختلف المجيزون لصوم الدهر بالشرط المتقدم هل هو أفضل أو صيام يوم وإفطار يوم أفضل؟ فصرح جماعة من العلماء بأن صوم الدهر أفضل لأنه أكثر عملاً فيكون أكثر أجراً وما كان أكثر أجراً كان أكثر ثواباً، وبذلك جزَم الغزالي أولاً وقيّده بشرط أن لا يصوم الأيام المنهي عنها، وأن لا يرغب عن السنة بأن يجعل الصوم حجراً على نفسه، فإذا أمن من ذلك فالصوم من أفضل الأعمال، فالاستكثار منه زيادة في الفضل.

وذهب جماعة منهم المتولى من الشافعية وابنُ دقيق العيد إلى أن صيام داود أفضل.

وعلى هذا فيختلف ذلك باختلاف الأشخاص والأحوال، فمن يقتضي حاله الإكثار من الصوم أكثر منه، ومن يقتضي حاله الإكثار من الإفطار أكثر منه، ومن يقتضي حاله المزج فعله، حتى أن الشخص الواحد قد تختلف عليه الأحوال في ذلك، وإلى ذلك أشار الغزالي أخيراً والله أعلم بالصواب.

* قال ابن قدامة في "المغني" (٤/٤٣٠) [حنبلي] : "عن أبي موسى عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "من صام الدهر ضيقت عليه جهنم" قال الأثرم: قيل لأبي عبد الله: فَسّر مسدَّد قول أبي موسى: "من صام الدهر ضيقت عليه جهنم" فلا يدخل، فضحك وقال: من قال هذا؟ فأين حديث عبد الله بن عمرو أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كرِه ذلك، وما فيه من الأحاديث؟ "

قال أبو الخطاب: إنما يكره إذا أدخل فيه يومي العيدين وأيام التشريق، لأن أحمد قال: إذا أفطر يومي العيدين وأيام التشريق رجوت أن لا يكون بذلك بأس. ورُوي نحو هذا عن مالك وهو قول الشافعي؛ لأن جماعة من الصحابة كانوا يسردون الصوم، منهم: أبو طلحة. قيل: إنه صام بعد موت النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أربعين سنة. ويقوى عندي أن صوم الدهر مكروه، وإن لم يصم هذه الأيام، فإن صامها فقد فعل محرّماً، وإنما كره صوم الدهر لما فيه من المشقة والضعف، وشبه التبتل المنهي عنه بدليل أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لعبد الله ابن عمرو: "إنك لتصوم الدهر وتقوم الليل؟ " فقلت: نعم، قال: "إنك إذا فعلت ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>