للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوصال: هو الترك في ليالي الصيام لما يفطر بالنهار بالقصد، ويدخل من أمسك جميع الليل أو بعضه.

وعند الشافعية: الوصال المنهي عنه أن يصوم يومين فصاعداً ولا يتناول في الليل شيئاً لا ماء ولا مأكولا، فإن أكل شيئاً يسيراً أو شرب فليس بوصال. وكذا إن أخّر الأكل إلى السحر لمقصود صحيح أو غيره فليس بوصال، والجمهور قد أطلقوا في بيان حقيقة الوصال أنه صوم يومين فأكثر" (١) .

* قال ابن حجر في "الفتح" (٤/٢٤٠-٢٤٢) : استدل بمجموع الأحاديث على أن الوصال من خصائصه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وعلى أن غيرَه ممنوع منه إلا ما وقع فيه الترخيص من الإذن فيه إلى السحر. ثم اخُتلف في المنع المذكور:

فقيل: على سبيل التحريم، وقيل: على سبيل الكراهة، وقيل: يحرم على من شق عليه ويُباح لمن لم يشق عليه.

وقد اختلف السلفُ في ذلك:

* فنقل التفصيل عن عبد الله بن الزبير، وروى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عنه أنه كان يواصل خمسة عشر يوماً.

وذهب إليه من الصحابة أيضاً أخت أبي سعيد، ومن التابعين: عبد الرحمن بن أبي نعم وعامر بن عبد الله بن الزبير، وإبراهيم بن زيد التيمي، وأبو الجوزاء كما نقله أبو نعيم في ترجمته في "الحلية" وغيرهم رواه الطبري وغيره.

ومن حجَّتهم أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - واصل بأصحابه بعد النهي فلو كان النهي للتحريم لما أقرّهم على فعله، فعلم أن المراد بالنهي الرحمة لهم والتخفيف عنهم كما صرحت به عائشة في حديثها. وهذا مثل ما نهاهم عن قيام الليل خشية أن يفرض عليهم ولم ينكر على من بلغه أنه فعله ممن لم يشق عليه، ونظير ذلك صيام الدهر، فمن لم يشق عليه، ولم يقصد موافقة أهل الكتاب ولا رغب عن السنة في تعجيل الفطر لم يمنع من الوصال.


(١) "المجموع" للنووي (٦/٤٠٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>