للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* عن علقمة قال: قلت لعائشة رضي الله عنها: هل كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يختص من الأيام شيئاً؟ قالت: لا، كان عمله ديمة (١) ، وأيكم يطيق ما كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُطيق؟!. رواه البخاري.

قال ابن حجر: "قال الزين بن المنير: ظاهر الحديث إدامته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - العبادة ومواظبته على

وظائفها، ويعارضه ما صح عن عائشة نفسها مما يقتضي نفي المداومة (٢) . فأبقى الترجمة (٣) على الاستفهام ليترجح أحد الخبرين أو يتبين الجمع بينهما، ويمكن الجمع بينهما بأن قولها: "كان عمله ديمة" معناه أن اختلاف حاله من الإكثار من الصوم ثم من الفطر كان مستداماً مستمراً، وبأنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يوظف على نفسه العبادة فربما شغله عن بعضها شاغل فيقضيها على التوالي فيشتبه الحال على من يرى ذلك، فقول عائشة: "كان عمله ديمة" منزل على التوظيف، وقولها: "كان لا تشاء أن تراه صائماً إلا رأيته" منزل على الحال الثاني" (٤) .

قال ابن حجر: "صوم الاثنين والخميس قد وردت فيهما أحاديث وكأنها لم تصح على شرط البخاري (٥) فلهذا أبقى الترجمة على الاستفهام، فإن ثبت فيهما ما يقتضي تخصيصهما استثنى من عموم قول عائشة: لا.

فلعل المراد بالأيام المسئُول عنها الأيام الثلاثة من كل شهر، هل كان يخصها بالبيض؟ فقالت: لا، تعني لو جعلها البيض لتعينت وداوم عليها، لأنه كان يجب أن يكون عمله دائماً، لكن أراد التوسعة بعدم تعينها فكان لا يبالي من أي الشهر صامها.

روى مسلم من حديث عائشة أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يصوم من كل شهر ثلاثة أيام، وما يبالي من أي الشهر صام".


(١) الديمة: مطر يدوم أياماً، ثم أطلقت على كل شيء مستمر "الفتح" (٤/٢٧٨) .
(٢) حديث عبد الله بن شقيق لها السابق ذكره.
(٣) ترجمة البخاري: هل يخص شيئاً من الأيام؟
(٤) "فتح الباري" (٤/٢٧٧) .
(٥) وإن صحت لغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>