الاستدلال بالنجوم ومنازل القمر، ثم تبين له من جهة النجوم أن الهلال الليلة وغمّ عليه، جاز له أن يعتقد الصيام ويبيته ويجزئه، والصحيح عنه في كتبه وعند أصحابه، أنه لا يصح اعتقاد رمضان إلاَّ برؤية أو شهادة عادلة.
وقال ابن عمر في "الاستذكار"(١٠/١٩) : "الذي عندنا في كتبه أنه لا يصح اعتقاد رمضان إلاَّ برؤية فاشية".
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى"(٢٥/١٣١-١٣٢) : "إني رأيت الناس في شهر صومهم، وفي غيره أيضاً: منهم من يصغي إلى ما يقوله بعض جهال أهل الحساب من أن الهلال يرى أو لا يرى. ويبني على ذلك إما في باطنه وإما في ظاهره حتى بلغني أن من القضاة من كان يرد شهادة العدد من العدول لقول الحاسب الجاهل الكاذب: إنه يرى أو لا يرى فيكون ممن كذب بالحق لما جاءه".
ويقول (ص١٣٢-١٣٣) : إنا نعلم بالاضطرار من دين الإسلام أن العمل في رؤية هلال الصوم أو الحج أو العدة أو الإيلاء أو غير ذلك من الأحكام المعلقة بالهلال بخبر الحاسب أنه يرى أو لا يرى لا يجوز. والنصوص المستفيضة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بذلك كثيرة.
وقد أجمع المسلمون عليه. ولا يعرف فيه خلاف قديم أصلا، ولا خلاف حديث، إلاَّ أن بعض المتأخرين من المتفقهة الحادثين بعد المائة الثالثة زعم أنه إذا غم الهلال جاز للحاسب أن يعمل في حق نفسه بالحساب، فإن كان الحساب دل على الرؤية صام وإلا فلا. وهذا القول وإن كان مقيداً بالإغمام ومختصا بالحاسب فهو شاذ، مسبوق بالإجماع على خلافه، فأما اتباع ذلك في الصحو أو تعليق عموم الحكم العام به فما قاله مسلم.
وقد يقارب من هذا قول من يقول من الإسماعيلية بالعدد دون الهلال وبعضهم يروي عن جعفر الصادق جدولاً يعمل عليه، وهو الذي افتراه عليه عبد الله بن معاوية.
وهذه الأقوال خارجة عن دين الإسلام. وقد برَّأ الله منها جعفر وغيره.
ويقول أيضاً (ص١٦٤) : قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب" فمن كتب أو حسب لم يكن من هذه الأمة في هذا الحكم، بل يكون قد اتبع غير سبيل المؤمنين الذين هم هذه الأمة فيكون قد فعل ما ليس من دينها، والخروج عنها محرم منهي عنه، فيكون الكتاب والحساب المذكوران محرمين منهياً عنهما.