* اختلفوا -إن فعل- فكلهم قال: يقضي ولا يكفر، وروي عن بعض أصحاب مالك أنه يقضي ويكفر، وهو قول ابن كنانة والمخزومي، وليس قولهما هذا بشيء؛ لأن الله قد أباح له الفطر في الكتاب والسنة وإنما قولهم لا يفطر استحبابًا لتمام ما عقده، فإن أخذ برخصة الله كان عليه القضاء، وأما الكفارة فلا وجه لها، ومن أوجبها فقد أوجب ما لم يوجبه الله.
وروي عن ابن عمر -رضي الله عنهما- في هذه المسألة أنه يفطر إن شاء في يومه ذلك إذا خرج مسافرًا، وهو قول الشعبي، وبه قال أحمد بن حنبل وإسحاق: قال أحمد: يفطر إذا برز عن البيوت (١) ، وقال إسحاق، يفطر حين يضع رجله في الرحل -وهو قول داود-.
* وقال الحسن البصري: يفطر في بيته إن شاء يوم يريد أن يخرج (٢) .
قال أبو عمر: قول الحسن شاذ، ولا ينبغي لأحد أن يفطر، وهو حاضر لا في نظر ولا في أثر، وقد روي عن الحسن خلاف ذلك.
ذكر عبد الرزاق عن معمر عمن سمع الحسن يقول: لا يفطر ذلك اليوم إلا أن يشتد عليه العطش، فإن خاف على نفسه أفطر. وقال إبراهيم: لا يفطر ذلك اليوم.
* واختلفوا في الذي يختار الصوم في السفر فيصوم ثم يفطر نهارًا من غير عذر، فكان مالك يوجب عليه القضاء والكفارة. وقد روي عنه: أنه لا كفارة عليه وهو قول أكثر أصحابه إلا عبد الملك -فإنه قال: إن أفطر بجماع كفّر؛ لأنه لا يقوى بذلك على سفره ولا عذر له؟ وعلى ذلك مذاهب سائر الفقهاء بالحجاز والعراق: أنه لا كفارة عليه.
وروى البويطي عن الشافعي قال: إن صح حديث الكديد (١) لم أر بأسا أن يفطر المسافر بعد دخوله في الصوم في سفره.
وروى المديني عنه -كقول مالك-: أنه لا يرى الكفارة على من فعل ذلك.