للحبلى والمرضع إذا خافتا ومن الظاهر جدًا أنهما ليسا كالشيخ والشيخة في عدم الاستطاعة، بل إنهما مستطيعتان، ولذلك قال لأم ولد له أو مرضع:"أنت بمنزلة الذي لا يطيق" فمن أين أعطاهما ابن عباس -رضي الله عنهما- هذا الحكم مع تصريحه بأن الآية (وعلى الذين يطيقونه) منسوخة؟ ذلك من السنة بلا ريب.
وبذلك يلتقي حديث سلمة مع حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-، ويتبين أن في حديثه ما يوافق حديث سلمة، ويزيد على حديث سلمة وهو ثبوت الإطعام على العاجز عن الصيام، فاتفقت الأحاديث ولم تختلف والحمد لله على توفيقه.
وإذا عرفت هذا فهو خير مما ذكره الحافظ في "الفتح": "أن ابن عباس ذهب إلى أن الآية المذكورة محكمة، لكنها مخصوصة بالشيخ الكبير" لما عرفت أن ابن عباس -رضي الله عنهما- صرّح بأن الآية منسوخة، لكن حكمها منسحب إلى العاجز عن الصيام.
بدليل السنة لا الكتاب لما سبق بيانه، وقد توهم كثيرون أن ابن عباس -رضي الله عنهما- يخالف الجمهور الذين ذهبوا إلى نسخ الآية وانتصر لهم الحافظ ابن حجر في "الفتح" فقال (٨/١٣٦) تعليقًا على رواية البخاري عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه قرأ (فدية طعام مسكين) : "هو صريح في دعوي النسخ، ورجحه ابن المنذر من جهة قوله:(وأن تصوموا خير لكم) قال: لأنها لو كانت في الشيخ الكبير الذي لا يطيق الصيام لم يناسب أن يقال له: (وأن تصوموا خير لكم) مع أنه لا يطيق الصيام".
قلت: وهذه حجة قاطعة فيما ذكر، وهو يشير بذلك إلى الرد على ابن عباس -رضي الله عنهما-، ومثله لا يخفى عليه مثلها، ولكن القوم نظروا إلى ظاهر الرواية المتقدمة عن ابن عباس -رضي الله عنهما- عند البخاري - الصريحة في نفي النسخ-، ولم يتأملوا في الرواية الأخرى الصريحة في النسخ-، ثم لم يحاولوا التوفيق بينهما، وقد فعلنا ذلك بما سبق تفصيله.
وخلاصته: أن يحمل النفي على نفي نسخ الحكم لا الآية، والحكم