للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شرطا لصحة الاعتكاف على الصحيح عندنا، وبهذا قال الحسن البصري وأبو ثور وداود وابن المنذر، وهو أصح الروايتين عن أحمد.

قال ابن المنذر وهو مروي عن علي بن أبي طالب وابن مسعود.

* وقال ابن عمر وابن عباس وعائشة وعروة بن الزبير والزهري ومالك والاوزاعي والثوري وأبو حنيفة وأحمد وإسحاق في رواية عنهما: لا يصح إلا بصوم. قال القاضي عياض: وهو قول الجمهور وهو الأصح والراجح. لقول السيدة عائشة -رضي الله عنها-: "السنة فيمن اعتكف أن يصوم".

قال ابن التركماني في "الجوهر النقي" (٤/٣١٧) : "مذهب المحدثين أن الصحابي إذا قال: السنة كذا، فهو مرفوع.

والسنة: السيرة والطريقة، وذلك قدر مشترك بين الواجب والسنة المصطلح عليها. ومثله حديث "سنّوا بهم سنة أهل الكتاب"، ولم تكن السنة المصطلح عليها معروفة في ذلك الوقت وذكر سنة الصوم للمعتكف مع ترك المس والخروج دليل على أن المراد الوجوب لا السنة المصطلح عليها".

* زد على ذلك ما قاله ابن القيم في "زاد المعاد" (٢/٨٧) أنه: "لم ينقل عن النبى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه اعتكف مفطرًا قط. ولم يذكر الله سبحانه الاعتكاف إلا مع الصوم، ولا فعله رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلا مع الصوم. فالقول الراجح في الدليل الذي عليه جمهور السلف: "أن الصوم شرط في الاعتكاف، وهو الذي كان يرجحه شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية".

* قال الإمام الجصّاص في "أحكام القرآن" (١/٢٤٥) : "لما كان الاعتكلاف اسمًا مجملاً لما بينا، كان مفتقرًا إلى البيان، فكل ما فعله النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في اعتكافه فهو وارد مورد البيان، فيجب أن يكون على الوجوب، لأن فعله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا ورد مورد البيان فهو على الوجوب إلا ما قام دليله، فلما ثبت عن


(١) رواه أبو داود والبيهقي وسنده صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>