قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "ما ملأ آدمى وعاء شرًا من بطنه بحسب ابن آدم أُكُلات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة، فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه"(١)
وفي رواية "لقيمات" وهو جمع قلة أقل من عشرة.
وقبل أن نتكلم عن أثر الصوم في علاج الأمراض نقول بداية إن الصوم عبادة نفعلها تعبدًا لله تعالى واستسلامًا لأمره، لا نعللها بأغراض مادية ولا نجعل من هذه غاية التشريع ومقصد المشرع فالعبادة أسمى من هذا بكثير.
يقول الشيخ محمود شلتوت شيخ الجامع الأزهر في كتابه "من توجيهات الإسلام": "من الخير للمؤمنين أن ينظروا إلى ما طلبه الله منهم نظرة غير هذه النظرة، نظرة أسمى منها وأجل ذلك أنهم عباد لله خاضعون، وأنهم مربوبون لرب العالمين، فمن شانه أن يأمر بما شاء أمرًا مطلقًا لا تقييد فيه بما يفهمه الناس أو لا يفهمونه، بل لا تقيد فيه بما يشتمل في ذاته على فائدة للناس أو لا يشتمل.
هذا هو سبيل العبادة كما يريدها الله: إخلاص في التقبل، وإخلاص في الامتثال والتنفيذ وثقة واطمئنان ورضا بحكم الله كما أمر به الله".
فمن قصد بالوضوء النظافة فهجرته إلى غير الله، ومن قصد بالصوم العلاج الصحي فهجرته إلى غير الله.
وليس معنى ما ذكرته لكم أيضاً عن العبادات أنه لا يترتب عليها شيء من الآثار النافعة المفيدة، كلا فإن لها آثارًا نشهدها ونراها وندركها بعقولنا، لا أريد أن أتكلم عنِ الآثار الصحية، فإن ذلك شأن الأطباء وهم أهل الاختصاص فيه
(١) صحيح: رواه أحمد والترمذي وابن ماجة والحاكم وصححه عن المقدام بن معد يكرب، ورواه أيضاً ابن المبارك وابن سعد وابن عساكر، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (٥٦٧٤) .