للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لذلك فقد يكون هذا أحد الأسرار التي جعل الله من أجلها الصيام في النهار، وقت النشاط والحركة والسعي في مناكب الأرض، ولم يجعله بالليل وقت السكون والراحة!

من أجل هذا يمكننا أن نقول وبكل ثقة إن النشاط والحركة أثناء الصيام يوفر للجسم من الجلوكوز المصنع أو المخزون في الكبد، وهو الوقود المثالي، لإمداد المخ، وكرات الدم الحمراء، ونقيُ العظام، والجهاز العصبي، بالطاقة اللازمة، لتجعلها أكثر كفاءة لأداء وظائفها، كما توفر الحركة طاقة للجسم البشري، تستخدم في عملياته الحيوية، فهي تثبط تكون البروتين من الأحماض الأمينية، وتزيد من تنشيط آليات الهدم أثناء النهار، فتستهلك الطاقات المختزنة، وتنظف المخازن من السموم التي يمكن أن تكون متماسكة أو ذائبة في المركبات الدهنية، أو الأمينية، وإن الكسل والخمول والنوم أثناء نهار الصيام ليعطل كل هذه الفوائد، بل قد يصيب صاحبه بكثير من العلل ويجعله أكثر خمولاً وتبلدًا.

كما أن النوم أثناء النهار والسهر طوال ليل رمضان، يؤدي إلى اضطراب عمل الساعة البيولوجية في الجسم، مما يكون له أثر شيء على الاستقلاب الغذائي داخل الخلايا.

ولقد أجريت دراسة أثبتت هذا الاضطراب على هرمون الكورتيزول، قام بها الدكتور محمد الحضرامي في كلية الطب جامعة الملك عبد العزيز، وقد أجرى الدراسة على ١٠ أشخاص أصحاء مقيمين خارج المستشفى، وأظهرت الدراسة أن أربعة منهم حصل عندهم اضطراب في دورة الكورتيزول اليومية، وذلك خلال الأسبوعين الأخيرين من شهر رمضان، مع انقلاب النسب المعهودة في الصباح وفي منتصف الليل، فقد لوحظ أن المستوى الصباحي قد انخفض، والمستوى المسائي قد ارتفع، وهذا على عكس الوضع الاعتيادي اليومي، وقد عزا الباحث هذا الاضطراب إلى تغير العادات السلوكية عند هؤلاء الصائمين، الذين يقضون النهار في النوم، والليل في السهر، وقد عاد الوضع الطبيعي للكورتيزول بعد ٤ أسابيع من نهاية شهر الصيام، وبعد أن استقر نظام النوم ليلاً والنشاط نهارًا، عند هؤلاء الأشخاص.

<<  <  ج: ص:  >  >>