القول الأول: أنه إذا رؤي الهلال في بلد لزم أهل البلاد الأخرى أن يصوموا.
والذين قالوا هذا القول اعتبروا الشهر شهرًا واحدًا، ولم يعتبروا اختلاف المطالع، فإذا أهلّ الهلال على أهل المشرق صام برؤيته أهل المغرب، وكذا بالعكس هذه البلاد.
وقالوا: كيف نجعل شهر بلاد يتقدم على شهر البلاد الأخرى بيوم أو بيومين أو نحو ذلك مع أنهم كلهم مسلمون ويدينون بدين موحد.
القول الثاني: أن لكل أهل بلدة رؤيتهم.
وقد ذهب إلى هذا القول بعض العلماء منهم الشيخ عبد الله بن حميد -رحمه الله-، وألّف في ذلك رسالة أيدها كذلك بالأحاديث.
ومن الأحاديث التي استدل بها أصحاب هذا القول قصة كريب: حيث سافر إلى الشام ثم رجع إلى المدينة في آخر رمضان، فسأله ابن عباس -رضي الله عنه- عما لقي حتى سأله عن الهلال.
فقال: متى رأيتموه؟ قال: رأيناه ليلة الجمعة وصمناه.
ثم قال: وهل صام أمير المؤمنين؟ قال: نعم.
فقال ابن عباس: لكنا لم نره إلا ليلة السبت فصمنا ولا نزال نصوم حتى نراه أو نكمله ثلاثين.
قال كريب: أولا تكتفي برؤية أمير المؤمنين وصيامه؟
قال: هكذا أمرنا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
ففي هذا الحديث: أن ابن عباس جعل لأهل الشام رؤيتهم ولأهل المدينة رؤيتهم وأن كلاَّ منهم يصوم إذا أهلّ عليه الهلال.
القول الثالث: أن رؤية أهل المشرق رؤية لأهل المغرب ولا عكس؛ والسبب أنه إذا رؤي في المشرق لزم أن يُرى في المغرب ولابد؛ وذلك لأنه لا يغيب عن أهل المشرق قبل أن يغيب عن أهل المغرب.
وهذا ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- وغيره.