ومثال ذلك: رجل رأى غريقا في الماء وقال إن شربت أمكنني إنقاذه وإن لم أشرب لم أتمكن من إنقاذه.
فنقول: اشرب وأنقذه فإذا شرب وأنقذه فهل يأكل بقية يومه؟ نعم يأكل بقية يومه؛ لأن هذا الرجل استباح هذا اليوم بمقتضى الشرع فلا يلزمه الإمساك. ولهذا لو كان عندنا إنسان مريض هل نقول لهذا المريض لا تأكل إلا إذا جعت ولا تشرب إلا إذا عطشت؟ لا. لماذا؟ لأن هذا المريض أبيح له الفطر، فكل من أفطر في رمضان بمقتضى دليل شرعي فإنه لا يلزمه الإمساك والعكس بالعكس.
لو أن رجلاً أفطر بدون عذر وجاء يستفتينا: أنا أفطرت وفسد صومي هل يلزمني الإمساك أو لا يلزمني؟ قلنا يلزمك الإمساك لأنه لا يحل لك بأن تفطر فقد انتهكت حرمة اليوم بدون إذن من الشرع فنلزمك بالبقاء على الإمساك وعليك القضاء لأنك أفسدت صوماً واجباً شرعت فيه.
- وسئل فضيلة الشيخ محمد الصالح العثيمين -حفظه الله- (١) :
ينتشر عند كثير من الناس أن الإنسان إذا رأى صائما يأكل أن لا يذكره فما مدى صحة هذا الكلام، وكيف يصنع من يرى صائماً يأكل؟
فأجاب: إذا رأى صائماً يأكل فليذكره؛ لأن هذا من باب التعاون على البر والتقوى، كما لو رأى الإنسان شخصًا مصليّا إلى غير القبلة، أو رأى شخصا يريد أن يتوضأ بماء نجس، أو ما أشبه ذلك، فإنه يجب عليه تبيين الأمر له، والصائم وإن كان معذورا لنسيانه لكن أخوه الذي يعلم بالحال يجب عليه أن يذكره.
ولعل هذا يؤخذ أيضًا من قول الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون، فإذا نسيت فذكروني"
فإنه إذا كان يذكر الناسي في الصلاة فكذلك الناسي في الصوم يذكر.