وفي المسند عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: "إن الله يحب أن يؤخذ برخصه. كما يكره أن تؤتى معصيته".
وفي الصحيح أن رجلا قال للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إني رجل أكثر الصوم أفأصوم في السفر؟
فقال: "إن أفطرت فحسن، وإن صمت فلا بأس".
وفي حديث آخر "خياركم الذين في السفر يقصرون ويفطرون".
وأما مقدار السفر الذي يقصر فيه ويفطر:
- فمذهب مالك والشافعي وأحمد أنه مسيرة يومين قاصدين بِسَير الإبل والأقدام، وهو ستة عشر فرسخا، كما بين مكة وعسفان، ومكة وجدة.
- وقال أبو حنيفة: "مسيرة ثلاثة أيام".
- وقال طائفة من السلف والخلف: بل يقصر ويفطر في أقل من يومين.
وهذا قول قوي، فإنه قد ثبت أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يصلي بعرفة، ومزدلفة ومنى، يقصر الصلاة، وخلفه أهل مكة وغيرهم يصلون بصلاته، لم يأمر أحدا منهم بإتمام الصلاة.
وإذا سافر في أثناء يوم، فهل يجوز له الفطر؟
على قولين مشهورين للعلماء، هما روايتان عن أحمد.
أظهرهما: أنه يجوز ذلك.
كما ثبت في السنن أن من الصحابة من كان يفطر إذا خرج من يومه ويذكر أن ذلك سنة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقد ثبت في الصحيح عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه نوى الصوم في السفر، ثم إنه دعا بماء فأفطر، والناس ينظرون إليه.
وأما اليوم الثاني: فيفطر فيه بلا ريب، وإن كان مقدار سفره يومين في مذهب جمهور الأئمة والأمة.
وأما إذا قدم المسافر في أثناء يوم ففي وجوب الإمساك نزاع مشهور بين العلماء، لكن عليه القضاء سواء أمسك أو لم يمسك.