للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن محل القبور الشريفة في صفة بيت عائشة، ولا بد للصفة من مرافق، فيظهر أن الحائط الذي في جوف الحائز هو حائط الصفة، والحائز فيما خرج عنها من بقية البيت.

ثم ظفرت في كلام المرجاني نقلا عن الحارث المحاسبي بما يصرح بذلك، لما سيأتي من أنه ذكر في تحديد المسجد ستة أساطين من جهة شرقي المنبر، ثم قال:

والروضة ما بين القبر والمنبر، فما كان منها في الأسطوانة السادسة التي حددت لك عن يمين المنبر فليس من المسجد الأول، وإنما كان من حجرة عائشة رضي الله عنها فوسع به المسجد، وهو من الروضة، انتهى.

ولنورد عبارة ابن زبالة فإن يحيى روى ذلك عنه من غير زيادة ولا مخالفة مع ما فيها من أشياء لا تعرف اليوم، ولكن إفادة هذه الأمور الغريبة التي لم يذكرها متأخرو المؤرخين اقتضت إيرادنا لذلك فنقول: أسند ابن زبالة عن عبيد بن عمر بن حفص بن عاصم أن مسجد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان ثلاث أساطين مما يلي المشرق، وثلاث أساطين مما يلي المغرب، سوى ما خرج في الرحبة أي الأساطين المصفوفة من الرحبة إلى القبلة، ولولا ما سيأتي من التصريح بأن هذه الست كانت ثلاثة منها على يمين المنبر وثلاثة عن يساره- يعني في البناء الأول- لحملنا ذلك على أن ابتداء هذه الست من الأسطوانة التي تلي المنبر؛ فيكون نهايتها الأسطوان التي يلي أسطوان التوبة، ويكون جدار الحجرة بعدها، فيوافق التحديد المتقدم، لكنه قال عقبه: وقال جمهور الناس من أهل العلم وغيرهم: هو إلى الفرضتين اللتين في الأسطوانتين اللتين دون المربعيتن الغربية والتي في القبر.

قلت: لا تعرف اليوم في المسجد القديم مربعة غربية، غير أن الذي ظهر لي- من مقابلتها بمربعة القبر ومما سيأتي في بيان الحائز الذي عمل لمنع ماء المطر أن يغشى المسقف القبلي- أنها الأسطوانة العظيمة المثمنة اليوم في المسقف القبلي، فإنها كانت ركن رحبة المسجد في هذا المسقف من جهة المغرب، كما أن مربعة القبر كانت ركن الرحبة في جهة المشرق، قبل زيادة الرواقين اللذين ذكرهما في المسقف القبلي كما يؤخذ من مواضع في كلام ابن زبالة ويحيى، والذي يظهر أن تثمين الأسطوانة المذكورة حادث، وإنما كانت مربعة، كما ثمنوا ما ظهر من مربعة القبر وما يلي الحجرة منها باق على تربيعه، ومربعة القبر هي التي في نهاية الصفحة الغربية من الحائز الدائر على الحجرة من جهة الشام، وتعرف بأسطوان مقام جبريل عليه السلام كما سيأتي إيضاحه، والأسطوان التي دونها هي الملاصقة بالشباك الدائر على الحجرة اليوم، وهي بين المربعة وبين أسطوان الوفود؛ فيكون جدار الحجرة على هذا كان فيما بين مربعة القبر والتي يليها.

قال ابن زبالة عقب ما قدمناه عنه: واحتجوا بأن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان يعتكف في

<<  <  ج: ص:  >  >>