للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا فرعنا على المفرد المضاف للعموم، وقد رجحه في كتب الأصول جماعة، ثم ذكر ما تقدم.

قلت: وفاتهم الجميع الاستدلال بحديث زوائد مسند أحمد المتقدم بلفظ «ما بين هذه البيوت» يعني بيوته «إلى منبري روضة من رياض الجنة» والعجب أن المعتنين بأمر الروضة لم يذكروه، مع أن فيه غنية عن التمسك بكون المفرد المضاف يفيد العموم، فقد ناقش الصفي الكازروني في ذلك بأشياء: منها أن رواية «ما بين قبري ومنبري» بينت المراد من البيت المضاف. قلت: ليته قال رواية: «ما بين المنبر وبيت عائشة» لأنه يلزم عليه أن يكون الروضة بعرض القبر فقط، والتخصيص بذلك بعيد، ومن قال: «إن المراد من البيت القبر» ليس مراده والله أعلم إلا أن رواية القبر لعدم إبهامها تعين البيت، ولعله مراد الصفي، ولهذا قال الطبري: وإذا كان قبره صلّى الله عليه وسلّم في بيته اتفقت معاني الروايات، ولم يكن بينها خلاف، انتهى، ولك أن تقول: رواية «قبري» ورواية «حجرة عائشة» من قبيل إفراد فرد من العام، وذكره بحكم العام، وهو لا يقتضي التخصيص على الأصح، بل يقتضي الاهتمام بشأن ذلك الفرد، على أن القرطبي قال: الرواية الصحيحة «بيتي» ويروى «قبري» وكأنه بالمعنى، والله أعلم.

ومنها: أن القرافي حمل إطلاق عموم اسم الجنس على ما يقع منه على القليل والكثير كالماء والمال، بخلاف ما لا يصدق إلا على الواحد كالعبد والبيت والزوجة فلا يعم، ولهذا لو قال عبدي حر أو امرأتي طالق لا يعم سائر عبيده ونسائه، قال: ولم أره منقولا. قلت:

قال التاج السبكي: خالف بعض الأئمة في تعميم اسم الجنس المعرف «١» والمضاف، والصحيح خلافه، وفصل قوم بين أن يصدق على القليل والكثير فيعم، أو [لا] «٢» فلا، واختاره ابن دقيق العيد، انتهى.

فقد جعل ما بحثه القرافي وجها ثالثا مفصلا، وذلك يأبى حمل إطلاق المطلقين عليه، فما بحثه منقول، لكن الصحيح خلافه، وما استدل به من عدم عموم عبدي حر وامرأتي طالق جوابه من أوجه ذكرناها في دفع التعرض، وأحسنها ما أشار إليه الأسنوي من أن عدم العموم في ذلك لكونه من باب الأيمان، والأيمان يسلك فيها مسلك العرف، انتهى. ونقل


(١) في جميع المطبوعات «المعروف» .
(٢) ما بين [] زيادة يقتضيها السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>