الحجرة المشرفة، هذا ما نقلته من خط الأقشهري بحروفه، ولم أره في كلام ابن الصلاح، والذي نقله ابن عساكر في تحفته عن ابن الصلاح وهو من تلامذته إنما هو ما قدمناه، وروايته عن إبراهيم الطبري عن ابن الصلاح تخليط؛ فإن وفاة ابن الصلاح في سنة ثلاث وأربعين وستمائة، والذي أدركه إنما هو والد إبراهيم المذكور، وهو المعروف بالرضي الطبري، فإن مولد الوالد المذكور سنة ثلاث وثلاثين وستمائة، فإنما أدرك من زمن ابن الصلاح عشر سنين، فكيف يكون ولده راويا عن ابن الصلاح بلا واسطة؟
وقال الأقشهري عقب ما تقدم عنه: وقد سقط هذا المسمار سنة عشرين وسبعمائة، ولم يردّ إلى موضعه إلا في رجب عام أربع وعشرين وسبعمائة.
قلت: وقد أخرج في هذه العمارة من موضعه عند ترخيم جدار الحجرة الشريفة، ثم أعيد في محله الأول بعينه في الرخامة الحمراء التي كان بها، ثم سقط من محله في الحريق الثاني، وجدد مسمار آخر في محله، ولا يختلف أحد ممن أدركناه بالمدينة الشريفة في أن ذلك الموضع تجاه الوجه الشريف، وهو الذي يقتضيه الحال عند مشاهدة الحجرة الشريفة من داخلها، غير أني رأيت في كلام يحيى ما يوهم خلاف ذلك، فإنه ذكر أن الموضع الذي يواجه الوجه الشريف هو ما بين الأسطوانة المتوسطة في قبلة جدار قبر النبي صلّى الله عليه وسلّم، بين هذا الموضع وبين الأسطوان شبران وثلاث أصابع متفرجة من الحفيرة إلى الوسطى، وإن كل من أدركه من أهل بيته كانوا إذا وقفوا للسلام على النبي صلّى الله عليه وسلّم وقفوا قريبا من هذا الموضع، وكانت ثم علامة قد تعلموا بها حفيرة ولم تزل ثمّ منذ علمت إلى أن عمر الصانع المسجد في ولاية أمير المؤمنين المتوكل فإنه أزر القبر بالرخام فذهبت العلامة منذ ذلك. وقال: إن موسى بن جعفر قال: من وقف في هذا الموضع منحرفا واضعا شق وجهه الأيمن استقبل وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وكان علي بن الحسين يقف ثم، انتهى.
قلت: الأسطوانة الوسطى التي يشير إليها هي البارزة في الصفحة القبلية من جدار القبر، يقف قربها المسلم على عمر رضي الله عنه، وبينها وبين المسمار المذكور نحو ثلاث أذرع أو أزيد، وقد قال: إن الموضع الذي ذكره بينه وبين الأسطوانة المذكورة شبران وثلاثة أصابع، فيكون بعيدا من المسمار المذكور بنحو الذراعين وقد شاهدنا الأسطوانة المذكورة من داخل الحجرة فرأيناها قريبة من نهايتها، بحيث إن من دفن هناك ووجهه في محاذاة الموضع الذي ذكره يحيى كانت رجلاه في جدار الحجرة الشرقي كما نقل ذلك في دفن عمر رضي الله عنه، فيبعد كل البعد كون الوجه الشريف في محاذاة ذلك الموضع، على أن ما نقله عن موسى بن جعفر يقتضي أن استقبال الوجه الشريف للواقف في الموضع الذي ذكره إنما يكون مع الانحراف ووضع شق الوجه الأيمن يعني على جدار القبر، وعلى هذا فيستقبل