للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ الثَّمَنَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَأَمَّا الْقَوْلُ الْأَوَّلُ فَمَبْنِيٌّ عَلَى مَا نَصَّ عَلَيْهِ أَشْهَبُ مِنْ أَنَّ الصَّدَقَةَ تَبْطُلُ وَأَنَّ الْبَيْعَ الْحَادِثَ قَدْ مَنَعَ مِنْ الْحِيَازَةِ، وَأَمَّا الْقَوْلُ الثَّانِي فَمَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الصَّدَقَةَ صَحِيحَةٌ فَإِنْ قَامَ الْمُعْطَى عَلَى أَثَرِ ذَلِكَ وَلَمْ يُقِرَّ بِإِبْطَالِ الْبَيْعِ لِكَوْنِ الْعَطِيَّةِ مِلْكًا لَهُ، وَإِنْ تَرَكَ ذَلِكَ كَانَ كَمَنْ بِيعَ مِلْكُهُ وَهُوَ عَالِمٌ فَلَمْ يُنْكِرْ فَلَهُ الثَّمَنُ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ أَصْلُهُ الْهِبَةَ وَالْعَطِيَّةَ وَلَمْ يَتَقَدَّمْ فِيهِ حِيَازَةٌ فَإِنْ قَبَضَهُ قَبْلَ فَوَاتِ الْحِيَازَةِ بِمَوْتِ الْمُعْطِي كَمُلَتْ الْعَطِيَّةُ وَإِلَّا بَطَلَتْ، وَلِذَلِكَ قَالَ مُطَرِّفٌ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُعْطَى غَائِبًا فَقَدِمَ فِي حَيَاةِ الْمُعْطِي كَانَ مُخَيَّرًا بَيْنَ رَدِّ الْبَيْعِ أَوْ أَخْذِ الثَّمَنِ.

وَقَدْ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ وَالْعُتْبِيُّ مِثْلَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ أَعْطَاهَا الْوَاهِبُ لِرَجُلٍ آخَرَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا الْأَوَّلُ فَإِنْ حَازَهَا الثَّانِي فَقَدْ رَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ الْأَوَّلُ أَوْلَى وَتُنْزَعُ مِنْ الثَّانِي، قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: لَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ وَالْحَائِزُ أَوْلَى وَهُوَ قَوْلُ الْمُغِيرَةِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمَالِكَ الْأَوَّلَ أَحَقُّ بِهِ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ الْهِبَةَ الثَّانِيَةَ لَمَّا قَوِيَتْ بِالْحِيَازَةِ صَارَتْ كَالْبَيْعِ فَمَتَى قُدِّمَ الْبَيْعُ عَلَى الْهِبَةِ لَزِمَهُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْهِبَةِ الثَّانِيَةِ إذَا قَارَنَتْهَا الْحِيَازَةُ وَإِذَا قُلْنَا بِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَقَدْ قَالَ أَصْبَغُ فِي الْعُتْبِيَّةِ إنْ كَانَ الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ عَلِمَ بِالصَّدَقَةِ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَعْلَمْ، أَوْ عَلِمَ وَلَمْ يُفَرِّطْ وَنَدِمَ الْمُتَصَدِّقُ فَفَاجَأَهُ بِأَنْ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَى غَيْرِهِ فَالْأَوَّلُ أَحَقُّ بِهَا إنْ أَدْرَكَهَا قَائِمَةً وَإِنْ فَاتَتْ كَانَ لَهُ قِيمَتُهَا عَلَى الْمُتَصَدِّقِ بِهَا وَإِنْ فَاتَتْ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِنْ كَانَتْ الْهِبَةُ عَبْدًا، أَوْ أَمَةً فَأَعْتَقَهُ الْوَاهِبُ قَبْلَ الْقَبْضِ، أَوْ اسْتَوْلَدَ الْأَمَةَ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَنْفُذُ الْعِتْقُ وَالِاسْتِيلَادُ وَلَا شَيْءَ لِلْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ وَرَوَى عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ يَرُدُّ الْعِتْقَ وَإِذَا حَمَلَتْ مِنْهُ الْأَمَةُ فَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ، وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مَا بُنِيَ عَلَيْهِ الْعِتْقُ مِنْ التَّغْلِيبِ وَالسِّرَايَةِ، وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ أَنَّ الْهِبَةَ تَقْتَضِي التَّمْلِيكَ فَلَا يَصِحُّ فِيهَا عِتْقُ الْمُمَلَّكِ كَالْبَيْعِ وَعَلَيْهِ فِي الْأَمَةِ الْقِيمَةُ لِشُبْهَةِ عَدَمِ الْقَبْضِ.

(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا بِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَكَاتَبَ الْوَاهِبُ الْعَبْدَ، أَوْ دَبَّرَهُ، أَوْ أَعْتَقَهُ إلَى أَجَلٍ فَقَدْ قَالَ أَصْبَغُ لَا يُرَدُّ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَلَا شَيْءَ لِلْمُعْطَى فِي خِدْمَةِ الْمُدَبَّرِ وَلَا كِتَابَةَ الْمُكَاتَبِ وَلَا رَقَبَتَهُ، وَإِنْ عَجَزَ قَالَ أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَلَوْ قَتَلَهَا رَجُلٌ فَالْقِيمَةُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ قَتْلَ الْقَاتِلِ لَهُ لَيْسَ بِمَعْنَى الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ، وَأَمَّا الْعِتْقُ وَمَا كَانَ فِي مَعْنَاهُ فَإِنَّهُ رُجُوعٌ فِي الْهِبَةِ وَمُبْطِلٌ لَهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِنْ كَانَ الْمُعْطِي رَهَنَ الْعَطِيَّةَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيمَنْ حَبَسَ عَلَى ابْنِهِ ثُمَّ رَهَنَهُ فَمَاتَ يَبْطُلُ الرَّهْنُ وَيَثْبُتُ الْحَبْسُ، وَوَجْهُ ذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ.

(فَرْعٌ) وَهَذَا كُلُّهُ فِيمَا أَحْدَثَهُ الْوَاهِبُ فِي الْهِبَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَأَمَّا مَا أَحْدَثَهُ فِي الْهِبَةِ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ فِي حِجْرِهِ فَبَقِيَتْ فِي يَدِهِ ثُمَّ بَاعَهَا فَقَدْ رَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي رَجُلٍ تَصَدَّقَ بِثُلُثَيْ غَنَمٍ مُعَيَّنَةٍ عَلَى ابْنِهِ الصَّغِيرِ وَثُلُثُهُ صَدَقَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَقِيَتْ فِي يَدَيْهِ زَمَانًا ثُمَّ عَدَا عَلَيْهَا فَبَاعَهَا ثُمَّ مَاتَ وَالِابْنُ صَغِيرٌ إنَّ صَدَقَةَ الِابْنِ ثَابِتَةٌ يَأْخُذُهَا مِنْ مَالِهِ وَلَا شَيْءَ لِلسَّيِّدِ؛ لِأَنَّ حَظَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ يَدِهِ حَتَّى مَاتَ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ، وَإِنَّمَا هُوَ الْيَوْمُ مَالُ وَارِثٍ يُرِيدُ أَنَّ حَقَّ الْوَارِثِ قَدْ تَعَلَّقَ فَيَمْنَعُ ذَلِكَ الْحِيَازَةَ كَمَا يَمْنَعُ الْحِيَازَةَ تَعَلُّقُ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِمَالِ الْمُفْلِسِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَبُو بَكْرٍ قَالَهُ لَمَّا تَيَقَّنَ الْوَفَاةَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَالَهُ تَوَقُّفًا لَهَا، وَذَلِكَ يَمْنَعُ الْحِيَازَةَ أَيْضًا عَلَى وَجْهِ التَّوْقِيفِ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا مُتَرَقِّبَةٌ مِمَّنْ حَازَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَإِنْ صَحَّ صَحَّتْ إفَاقَتُهُ الْحِيَازَةَ.

(فَصْلٌ) :

قَالَ: وَإِنَّمَا هُوَ أَخَوَاك وَأُخْتَاك هَكَذَا وَرَدَ هَذَا الْحَدِيثُ إنْ وَرَثَته مِنْ ذِكْرٍ وَقَدْ وَرِثَهُ مَعَ ذَلِكَ زَوْجُهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ وَزَوْجُهُ بِنْتُ خَارِجَةَ وَتَرَكَ أَبَاهُ أَبَا قُحَافَةَ عُثْمَانَ بْنَ عَامِرٍ وَمَاتَ بَعْدَهُ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ إلَّا أَنَّهُ رُوِيَ أَنَّهُ رَدَّ سُدُسَهُ عَلَى وَلَدِ أَبِي بَكْرٍ وَلَعَلَّهُ قَدْ كَانَ وَعَدَهُ بِذَلِكَ قَبْلَ وَفَاتِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>