للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ الْقَارِئِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ مَا بَالُ رِجَالٍ يَنْحَلُونَ أَبْنَاءَهُمْ نِحَلًا ثُمَّ يُمْسِكُونَهَا فَإِنْ مَاتَ ابْنُ أَحَدِهِمْ قَالَ مَالِي بِيَدِي لَمْ أُعْطِهِ أَحَدًا، وَإِنْ مَاتَ هُوَ قَالَ هُوَ لِابْنِي قَدْ كُنْت أَعْطَيْته إيَّاهُ، مَنْ نَحَلَ نِحْلَةً فَلَمْ يَحُزْهَا الَّذِي نَحَلَهَا حَتَّى يَكُونَ إنْ مَاتَ لِوَرَثَتِهِ فَهِيَ بَاطِلَةٌ)

ــ

[المنتقى]

وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ إنَّمَا يَرِثُنِي بِالْبُنُوَّةِ أَنْتَ وَأَخَوَاك وَأُخْتَاك يُرِيدُ أَنَّ الَّذِينَ يُشَارِكُونَك فِي هَذِهِ الْعَطِيَّةِ إنَّمَا هُمْ إخْوَتُك عَلَى مَعْنَى التَّسْلِيَةِ لَهَا عَمَّا صَارَ إلَى غَيْرِهَا مِنْ ذَلِكَ بِأَنَّ مَنْ يَصِيرُ إلَيْهِمْ ذَلِكَ مِمَّنْ يَسُرُّك غِنَاهُمْ فَقَالَتْ لَوْ كَانَ كَذَا وَكَذَا لَتَرَكْته وَيُحْتَمَلُ أَنْ تُرِيدَ لَتَرَكْته إذَا لَمْ أَسْتَحِقَّهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تُرِيدَ لَتَرَكْته، وَإِنْ كَانَ لِي مِمَّنْ ذَكَرْته مِمَّنْ أُحِبُّ لَهُ الْغِنَى وَالْخَيْرَ مِمَّنْ يُشْفَقُ عَلَيْهِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهَا: وَإِنَّمَا هِيَ أَسْمَاءُ فَمَنْ الْأُخْرَى لَمَّا لَمْ تَعْلَمْ لِنَفْسِهَا أُخْتًا غَيْرَ أَسْمَاءَ فَقَالَ لَهَا ذُو بَطْنِ بِنْتِ خَارِجَةَ يُرِيدُ أَنَّ حَمْلَهُ يُوجَدُ وَيُقَالُ: إنَّ اسْمَهَا حَبِيبَةُ بِنْتُ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَبِي زُهَيْرِ بْنِ مَالِكٍ الْخَزْرَجِيِّ يَعْتَقِدُ فِيهَا أَنَّهَا جَارِيَةٌ قَالَ ابْنُ مُزَيْنٍ قَالَ بَعْضُ فُقَهَائِنَا: وَذَلِكَ لِرُؤْيَا رَآهَا أَبُو بَكْرٍ تَأَوَّلَ فِيهَا ذَلِكَ، وَهَذَا لَا يَمْتَنِعُ فَوَلَدَتْ بِنْتُ خَارِجَةَ بِنْتًا سُمِّيَتْ أُمَّ كُلْثُومٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(ش) : قَوْلُهُ مَا بَالُ رِجَالٍ يَنْحَلُونَ أَبْنَاءَهُمْ نِحَلًا ثُمَّ يُمْسِكُونَهَا الْحَدِيثُ يَقْتَضِي أَنَّ إخْرَاجَ الْعَطِيَّةِ مِنْ يَدِ الْأَبِ النَّاحِلِ هُوَ الْوَاجِبُ، أَوْ الْأَفْضَلُ فَإِنْ كَانَ الِابْنُ بَالِغًا مَالِكًا لِأَمْرِ نَفْسِهِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْأَجْنَبِيِّ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا فَإِنَّ مِنْ الْعَطَايَا مَا لَا يَصِحُّ إلَّا بِإِخْرَاجِ الْأَبِ الْعَطِيَّةَ مِنْ يَدِهِ إلَى يَدِ مَنْ يَحُوزُهَا لَهُ وَمِنْهَا مَا يَصِحُّ حِيَازَتُهَا مَعَ بَقَائِهَا بِيَدِ الْأَبِ إلَّا أَنَّ إخْرَاجَهَا عَنْ يَدِ الْأَبِ إلَى يَدِ غَيْرِهِ أَفْضَلُ وَأَبْيَنُ فِي صِحَّةِ الْحِيَازَةِ فَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْعَطَايَا عَلَى ضَرْبَيْنِ مِنْهَا مَا لَا يَتَعَيَّنُ كَالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ وَمِنْهَا مَا يَتَعَيَّنُ كَالْحَيَوَانِ وَالْعُرُوضِ وَالثِّيَابِ فَأَمَّا الدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ فَإِنَّهَا إنْ بَقِيَتْ بِيَدِ الْوَاهِبِ غَيْرِ مَخْتُومٍ عَلَيْهَا يَتَصَرَّفُ فِيهَا لِابْنِهِ الصَّغِيرِ فَقَدْ رَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ إنْ مَاتَ الْأَبُ وَهِيَ عَلَى ذَلِكَ فَالْعَطِيَّةُ بَاطِلَةٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ مِنْ دَنَانِيرَ مُعَيَّنَةٍ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ طَبَعَ عَلَيْهَا حَتَّى يَدْفَعَهَا إلَى غَيْرِهِ وَيُخْرِجَهَا عَنْ مِلْكِهِ، وَذَلِكَ أَنَّهَا غَيْرُ مَعْرُوفَةِ الْعَيْنِ وَلَا مُتَعَيِّنَةٍ بِالْإِشَارَةِ إلَيْهَا وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُعْرَفَ أَعْيَانُهَا إذَا أُفْرِدَتْ مِنْ غَيْرِهَا وَلَمْ يَخْتَلِفْ أَصْحَابُنَا فِي ذَلِكَ إذَا وَهَبَهُ عَشْرَةَ دَنَانِيرَ مِنْ دَنَانِيرِهِ.

(فَرْعٌ) وَأَمَّا إذَا خَتَمَ عَلَيْهَا وَأَمْسَكَهَا عِنْدَهُ فَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهَا تَبْطُلُ زَادَ ابْنُ الْمَوَّازِ، وَإِنْ خَتَمَ عَلَيْهَا الشُّهُودُ وَالْأَبُ وَبِهِ أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْمِصْرِيُّونَ.

وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّ الْعَطِيَّةَ مَاضِيَةٌ وَبِهِ أَخَذَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَالْمَدَنِيُّونَ قَالَ مُطَرِّفٌ إذَا خَتَمَ عَلَيْهَا بِحَضْرَةِ الشُّهُودِ، وَإِنْ لَمْ يَخْتِمْ عَلَيْهَا الشُّهُودُ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهَا مِمَّا يَتَعَيَّنُ بِالْعَقْدِ فَلَا يَصِحُّ فِيهَا حِيَازَةٌ مَعَ بَقَائِهَا بِيَدِ الْمُعْطِي كَاَلَّتِي لَمْ يَخْتِمْ عَلَيْهَا، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّهَا تَتَعَيَّنُ بِالْعَقْدِ فَإِذَا تَمَيَّزَتْ بِالْخَتْمِ عَلَيْهَا صَحَّتْ الْحِيَازَةُ فِيهَا.

(فَرْعٌ) فَأَمَّا إذَا وَهَبَهُ دَنَانِيرَ فَوَضَعَهَا عَلَى يَدِ رَجُلٍ يَحُوزُهَا لَهُ فَحَدَثَ لِلرَّجُلِ سَفَرٌ وَمَاتَ فَقَبَضَهَا الْأَبُ فَمَاتَ فَقَدْ رَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهَا مَاضِيَةٌ؛ لِأَنَّهَا حِيزَتْ مُدَّةً فَلَا يُبَالِي قَبَضَهَا الْأَبُ بَعْدَ ذَلِكَ، أَوْ لَمْ يَقْبِضْهَا كَالدَّارِ يَتَصَدَّقُ بِهَا عَلَى وَلَدِهِ فَيَحُوزُهَا عَنْهُ سَنَةً وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ تَصَدَّقَ عَلَى ابْنِهِ الصَّغِيرِ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَجَعَلَهَا لَهُ عَلَى يَدِ غَيْرِهِ ثُمَّ تَسَلَّفَهَا فَمَاتَ فَذَلِكَ بَاطِلٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَهَبَهُ دَيْنًا ثُمَّ قَبَضَهُ الْأَبُ فَظَاهِرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا مُخَالِفٌ لِقَوْلِ مَالِكٍ؛ لِأَنَّهُ عَلَّلَ إمْضَاءَ الْهِبَةِ بِأَنَّهَا حِيزَتْ مُدَّةً، وَشَبَّهُ ذَلِكَ بِالدَّارِ تُحَازُ سَنَةً ثُمَّ رَجَعَ الْوَاهِبُ إلَى سُكْنَاهَا فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْوَاهِبَ لَوْ تَسَلَّفَهَا بَعْدَ أَنْ حِيزَتْ عَنْهُ نَفَذَتْ الْهِبَةُ غَيْرَ أَنَّهُ إنَّمَا نَصَّ عَلَى الْقَبْضِ فِي مَسْأَلَةِ السَّفَرِ وَإِنَّ ذَلِكَ إنْ كَانَ لِعُذْرِ السُّكْنَى جَائِزٌ وَلَمْ يَذْكُرْ انْتِفَاعَ الْأَبِ بِهَا بَعْدَ الْقَبْضِ وَذَكَرَ فِي مَسْأَلَةِ الدَّيْنِ قَبْضَ الْأَبِ لِلدَّيْنِ وَلَمْ يَذْكُرْ تَسَلُّفَهُ لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>