للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

وَوِكَاءَهَا وَوِعَاءَهَا فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلَّا فَاسْتَمْتِعْ بِهَا» فَأَمَرَ بِاعْتِبَارِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ فَمَنْ وَصَفَهَا اسْتَحَقَّ اللُّقَطَةَ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ الْغَالِبَ مِنْ أَحْوَالِ النَّاسِ مَعْرِفَةُ صَاحِبِهَا صِفَةَ وِعَاءِ الدَّرَاهِمِ وَصِفَةَ الْوِكَاءِ وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ يَعْرِفُ الْعَدَدَ إنْ كَانَتْ مَعْدُودَةً أَوْ الْوَزْنَ إنْ كَانَتْ مَوْزُونَةً وَظَاهِرُ قَوْلِ أَصْبَغَ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّعَلُّقِ بِحَدِيثِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الْعَدَدِ.

(فَرْعٌ) وَهَلْ يَلْزَمُ مَعَ هَذَا يَمِينٌ أَمْ لَا؟ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنْ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ، وَقَالَ أَشْهَبُ: إنَّ وَصْفَ ذَلِكَ كُلِّهِ لَمْ يَأْخُذْهَا إلَّا بِيَمِينِهِ أَنَّهَا لَهُ، وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ مَنْ يُنَازِعُهُ فِيهَا وَلَا مَنْ يُنَازِعُ عَنْهُ فَلَا مَعْنَى لِهَذِهِ الْيَمِينِ وَلِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ الْيَمِينُ تَجِبُ لِغَائِبٍ لَمْ يَصِحَّ إلَّا بِأَمْرِ حَاكِمٍ، وَوَجْهُ قَوْلِ أَشْهَبَ أَنَّ هَذَا نَوْعٌ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ مِنْ يَدِ مُدَّعٍ.

(فَرْعٌ) وَهَلْ مِنْ شَرْطِ دَفْعِهَا إلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ الثَّلَاثِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: لَوْ أَصَابَ تِسْعَةَ أَعْشَارِ الصِّفَةِ وَأَخْطَأَ الْعُشْرَ لَمْ يُعْطِهَا إلَّا فِي مَعْنًى وَاحِدٍ أَنْ يَصِفَ عَدَدًا فَيُوجَدُ أَقَلُّ.

وَقَالَ أَشْهَبُ إنْ عَرَّفَ مِنْهَا وَصْفَيْنِ وَلَمْ يُعَرِّفْ الثَّالِثَ دُفِعَتْ إلَيْهِ، وَقَالَ أَصْبَغُ إنْ عَرَّفَ الْعِفَاصَ وَحْدَهُ فَلْيُسْتَبْرَأْ فَإِنْ جَاءَ أَحَدٌ وَإِلَّا أُعْطِيهَا، وَمَا ذُكِرَ فِي الْحَدِيثِ اعْرَفْ الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءَ لَيْسَ عَلَى أَنْ يَسْتَحِقَّهَا إلَّا بِمَعْرِفَتِهَا كَمَا جَازَ فِي شَرْطِ الْخَلِيطَيْنِ أَصْنَافٌ تُجْرَى وَإِنْ انْخَرَمَ بَعْضُهَا فَالظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِ أَشْهَبَ أَنَّهُ لَا يُعْطَاهَا بِأَقَلِّ مِنْ وَصْفَيْنِ أَنَّهُ أَقَلُّ مَا يُعْتَبَرُ فِي الْحَدِيثِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ، وَقَدْ رَأَيْت لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا لَا يَأْخُذُهَا إلَّا بِمَعْرِفَةِ الْعِفَاصِ وَالْوِكَاءِ وَقَوْلُ أَصْبَغَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ يُعْطَاهَا مَنْ أَتَى بِالصِّفَةِ الْوَاحِدَةِ مِنْ الصِّفَتَيْنِ الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ مَذْهَبُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ مُوَافِقًا لَهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا امْتَنَعَ مِنْ دَفْعِهَا إلَيْهِ إذَا أَخْطَأَ فِي الصِّفَةِ بِأَنْ وَصَفَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بِغَيْرِ صِفَتِهِ.

وَقَدْ اخْتَلَفَ فِي هَذَا قَوْلُ أَصْبَغَ فَقَالَ إنْ قَالَ فِي خِرْقَةٍ حَمْرَاءَ وَخَيْطٍ أَصْفَرَ فَوَجَدْت الْخِرْقَةَ حَمْرَاءَ وَالْخَيْطَ أَسْوَدَ فَقَالَ يُسْتَبْرَأُ أَيْضًا أَمْرُهَا ثُمَّ رَجَعَ ثُمَّ قَالَ هَذَا كَذَّبَ نَفْسَهُ فِي ادِّعَائِهِ الْمَعْرِفَةَ فَلَا يُصَدَّقُ، وَإِنَّمَا يُصَدَّقُ لَوْ أَصَابَ فِي بَعْضٍ وَادَّعَى الْجَهَالَةَ فِي بَعْضٍ، وَهَذَا الَّذِي قَالَ أَشْهَبُ يُدْفَعُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ سَمَّى بَعْضَ الصِّفَاتِ.

وَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ لَوْ أَخْطَأَ فِي صِفَتِهَا لَمْ يُعْطِهَا فَإِنْ وَصَفَهَا مَرَّةً أُخْرَى فَأَصَابَهَا لَمْ يُعْطِهَا، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ هَذَا خَارِجٌ إلَى حَدِّ التَّخْمِينِ وَالْحَزْرِ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَصَفَ صِفَةً فَأَخْطَأَ فَلَا بُدَّ أَنْ يُصَادِفَ فَيَأْخُذَ مَا لَيْسَ لَهُ فَذَلِكَ يُؤْخَذُ بِأَوَّلِ قَوْلِهِ، وَوَجْهُ قَوْلِ أَصْبَغَ أَنَّهَا صِفَاتٌ وَرَدَ الشَّرْعُ بِاعْتِبَارِهَا فَجَازَ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى بَعْضِهَا كَصِفَاتِ الْخُلَطَاءِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ عَرَّفَ رَجُلٌ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا، أَوْ وِكَاءَهَا وَحْدَهُ وَعَرَّفَ آخَرُ عَدَدَ الدَّنَانِيرِ وَوَزْنَهَا كَانَتْ لِمَنْ عَرَّفَ الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءَ، أَوْ الْوِكَاءَ وَحْدَهُ قَالَهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ أَصْبَغُ وَزَادَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ وَلَكِنِّي أَسْتَحْسِنُ أَنْ يُقْسَمَ بَيْنَهُمَا كَمَا لَوْ اجْتَمَعَا عَلَى مَعْرِفَةِ الْعِفَاصِ وَالْوِكَاءِ وَيَتَحَالَفَانِ فَإِنْ نَكَلَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا دُفِعَتْ إلَى الْحَالِفِ، وَهَذَا جُنُوحٌ مِنْهُ إلَى إلْحَاقِ مَعْرِفَةِ الْعَدَدِ بِمَعْرِفَةِ الْعِفَاصِ وَالْوِكَاءِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا مَعْرِفَةُ سِكَّةِ الدَّنَانِيرِ، أَوْ الدَّرَاهِمِ فَقَدْ قَالَ سَحْنُونٌ فِي كِتَابِ ابْنِهِ إذَا وَصَفَ سِكَّةَ دَنَانِيرِ اللُّقَطَةِ طَالِبُهَا لَمْ يَسْتَحِقَّهَا بِذَلِكَ حَتَّى يَذْكُرَ عَلَامَةً فِيهَا غَيْرَ السِّكَّةِ.

وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ مَا يَتَبَيَّنُ لِي قَوْلَ سَحْنُونٍ وَأَرَى إذَا وَصَفَ السِّكَّةَ فِي الدِّينَارِ وَذَكَرَ نَقْصَ الدَّنَانِيرِ إنْ كَانَ فِيهَا نَقْصٌ فَأَجَابَ بِذَلِكَ أَنَّهُ يَأْخُذُهَا، وَجْهُ قَوْلِ سَحْنُونٍ أَنَّ السِّكَّةَ إذَا كَانَتْ وَاحِدَةً بِالْبَلَدِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ أَنْ يَقُولَ هِيَ دَنَانِيرُ فَهَذَا لَا يَسْتَحِقُّ بِهِ شَيْئًا؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ إذَا كَانَتْ دَنَانِيرَ أَنْ تَكُونَ مِنْ سِكَّةِ الْبَلَدِ الَّذِي لَا يَجْرِي فِيهَا غَيْرُهَا، وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ لَوْ كَانَتْ سِكَّةً شَاذَّةً لَيْسَتْ بِمَعْرُوفَةٍ فِيهَا، وَلِذَلِكَ اشْتَرَطَ سَحْنُونٌ زِيَادَةَ عَلَامَةٍ فِي دِينَارٍ مِنْ الدَّنَانِيرِ مِمَّا لَا يَكُونُ مُعْتَادًا وَلَعَلَّهُ هَذَا الَّذِي أَرَادَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ، أَوْ يَكُونُ بِبَلَدٍ فِيهِ سِكَكٌ مُخْتَلِفَةٌ عَلَى أَنَّهُ اشْتَرَطَ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يُعَرِّفَ

<<  <  ج: ص:  >  >>